وجهت مصر تحذيرات من اقتراب «قوات الدعم السريع» من حدودها، في ظل تعقيدات الوضع الأمني في السودان، ما ينذر بتوترات في جنوب مصر.
وتتحكم «قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ أكثر من عامين ونصف، في «إقليم دارفور بالكامل»، بعد سيطرتها على مدينة الفاشر (شمال دارفور) الشهر الماضي، مع إعلان «الدعم السريع» سيطرتها على «منطقة المثلث الحدودي»، التي تجمع مصر، وليبيا، والسودان، في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وأعلن الجيش السوداني، الخميس، تصديه لطائرات مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع» حاولت استهداف مدينة مروي بالولاية الشمالية شمالي البلاد، وهي الولاية التي تحدها مصر من جهة الشمال.

وحذر وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، من «رد فعل قوي لبلاده، حال تهديد أمنها القومي المباشر»، وقال في تصريحات متلفزة الأربعاء، عقب زيارته لبورتسودان، إنه «لا يمكن السماح لأي طرف تحت أي ظرف المساس بحدود بلاده».
وشدد عبد العاطي على أن «بلاده قادرة على حماية حدودها، وأمنها القومي، حال حدوث أي تهديد مباشر»، وأشار إلى أن «الجيش المصري قادر على حماية حدوده، ولا يمكن العبث بها من قبل أي طرف أياً كان».
واعتبر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أن «الوضع في السودان مرتبط بالأمن القومي لبلاده»، ودعا في اتصال هاتفي مع نظيره الكيني، ويليام روتو، الثلاثاء، إلى «ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة السودان، ودعم مؤسساته الوطنية، ووقف المأساة الإنسانية التي يعانيها الشعب السوداني».
ويرى الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر لديها القدرة على تأمين الحدود الجنوبية، حال حدوث أي تهديد مباشر من (الدعم السريع)»، وأشار إلى أن «القاهرة تتبنى خيار السلام، غير أنها لديها القدرة على الرد بقوة مع أي تهديد لها».
باعتقاد فرج، فإن «الحرب الداخلية في السودان تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي المصري»، مضيفاً أن «القاهرة تدعم الجيش السوداني بشكل واضح، وترفض أي انتهاكات من (الدعم السريع)»، وأشار لوجود «مخاوف مصرية من تطور الأوضاع في السودان إلى مرحلة المطالبة بالتقسيم، خصوصاً بعد سيطرة (الدعم السريع) على إقليم دارفور».
وأعلنت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، (غرب السودان)، آخر مقرات الجيش في الإقليم، واتهمت الحكومة السودانية عناصر «الدعم السريع»، بارتكاب جرائم بحق المدنيين في المدينة.

وجدد عبد العاطي، في حديثه الأخير، التأكيد على «دعم القاهرة لمؤسسات الدولة الوطنية السودانية بكل قوة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية السودانية»، وأشار إلى أن «الجيش الوطني هو صمام الأمان الوحيد لحفظ وحدة البلاد»، كما شدد على أن «مصر لن تسمح بوجود كيانات موازية، أو ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة»، معتبراً أن ذلك «يعني تقسيم السودان، وهو ما لن تقبل به مصر أبداً».
وعدّ عبد العاطي استمرار الحرب السودانية «تدميراً ممنهجاً لمقدرات الشعب السوداني»، وقال إن «إعلان (الرباعية الدولية)، الصادر في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، بمثابة خريطة طريقة شاملة لإنقاذ السودان»، منوهاً إلى أن «الإعلان ركز على ثلاثة مسارات أساسية، تتمثل في فتح الممرات الإنسانية، وضمان تدفق المساعدات الطبية، والغذائية، وتيسير دخول فرق الإغاثة الدولية».
وتعمل الآلية الرباعية، التي تضم السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري في واشنطن، في سبتمبر الماضي، وأكدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان»، إلى جانب «الضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين، والبنية التحتية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وتهيئة الظروف لضمان أمن منطقة البحر الأحمر».
ووفق تقدير مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي: «تستطيع مصر تحقيق اختراق في الأزمة السودانية حالياً، بعد دورها في وقف إطلاق النار في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «المجتمع الدولي ينظر للقاهرة باعتبار أنها لاعب مؤثر في أزمة السودان».
وأشار المغربي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «القاهرة تعمل مع (الرباعية الدولية) من أجل الوصول لهدنة شاملة في السودان، تمهد لحل سياسي شامل»، وقال إن «من عوامل نجاح التدخل المصري حالياً التقارب بين القاهرة وأنقرة، خصوصاً في الملف السوداني».
واتفق وزير الخارجية المصري مع نظيره التركي هاكان فيدان، في محادثات ثنائية في أنقرة الأربعاء، على «أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتشجيع الحلول السياسية، والحوار الوطني في السودان»، حسب الخارجية المصرية.
وأكد عبد العاطي، خلال لقائه رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق ركن عبد الفتاح البرهان، في بورتسودان الثلاثاء، على «إدانة مصر للانتهاكات والفظائع في مدينة الفاشر»، كما أكد على «مواصلة بلاده جهودها لتحقيق الاستقرار في السودان»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

