كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن التحضير لاجتماع تركي سوري أميركي لبحث التطورات في سوريا، لافتاً إلى عدم وجود مؤشرات على تقدم المباحثات الخاصة بتنفيذ اتفاق اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مؤسسات الدولة السورية.
وشدد فيدان على أن انسحاب «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تقود قوات «قسد»، من المناطق ذات الأغلبية العربية في سوريا يعد «أولوية قصوى» حالياً، لافتاً إلى أن الاجتماعات الأخيرة بين «قسد» ودمشق لم تسفر عن اتفاق فعلي على مسألة الاندماج، محذراً من اشتباكات خطيرة حال عدم حدوث ذلك.
وقال الوزير التركي، في مقابلة تلفزيونية، ليل السبت – الأحد، إنه أجرى اتصالاً مطولاً مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، الجمعة، كشف أن الاجتماعات الأخيرة (لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع قائد «قسد»، مظلوم عبدي، والمبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، ومباحثات ممثلي «قسد» مع الحكومة السورية)، لم تسفر عن اتفاق فعلي بين دمشق و«قسد».
تحذير لـ«قسد»
وأضاف أنه لم يتم تقديم خريطة طريق إلى تركيا بشأن التخلّص من مسلحي حزب العمال الكردستاني (وحدات حماية الشعب الكردية و«قسد») في سوريا والقادمين من تركيا أو العراق أو إيران.
وتابع: «لم يُقدّم لنا أي شيء يتعلق بالقضاء على الأنفاق أو أنظمة الصواريخ أو أي عناصر أخرى تستهدف تركيا من سوريا»، مشدداً على أن الانسحاب الفوري لتنظيم «وحدات حماية الشعب الكردية» (قسد) من المناطق ذات الأغلبية العربية «أولوية قصوى، ويجب أن يكون الخطوة الأولى، وهذا الأمر لم يُنفذ بعد، الجميع ينتظر حلّ هذه المسألة، وإذا لم تحل، فمن الممكن توقع اشتباكات خطيرة للغاية».
واتهم فيدان «قسد» بتبني موقف متطرف، مشدداً على أن هذا السلوك «الاحتلالي الاستعماري» يجب أن يزول في أسرع وقت ممكن.
وعن الموقف المحتمل لتركيا حال فشل «اتفاق 10 آذار» الموقع بين دمشق و«قسد»، قال فيدان إن تركيا تتعاون مع الحكومة السورية في هذا الشأن، مضيفاً أن تركيا تتابع من كثب المرحلة التي وصلت إليها الحكومة في بسط سلطتها في سوريا، وأن أول مشروع رئيسي هو توحيد جميع الجماعات المسلحة في البلاد تحت هيكل عسكري واحد.
وأكد أن القضية السورية قضية أمن قومي رئيسية بالنسبة لتركيا، مضيفاً: «رسالتنا هنا واضحة جداً، لا ينبغي أن تُشكل سوريا تهديداً لأحد، بما في ذلك إسرائيل، ولكن لا ينبغي لأحد أن يُشكل تهديداً لسوريا أيضاً».
التوسع الإسرائيلي
ولفت فيدان إلى ضرورة إدارة مناطق الأزمات بشكل جيد، مشيراً إلى إحراز تقدم ملحوظ في هذا الشأن، موضحاً أن الخطر الأكبر هو توسع إسرائيل في الأراضي السورية.
وتابع: «هذه هي القضية التي ناقشناها باستمرار، وتشاورنا حولها، وناقشناها مع الأميركيين… على إسرائيل أن تتخلى عن هذا، علينا أن نشرح لهم ذلك، إن محاولة خلق الأمن بإبقاء الدول المجاورة ضعيفة ومنقسمة، تمثل استراتيجية محفوفة بالمخاطر، وإسرائيل تواصل هذه السياسة».
وقال فيدان: «نخطط لعقد اجتماع ثلاثي قريباً بين تركيا والولايات المتحدة وسوريا لبحث هذه المسائل».
وكان فيدان أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره السوري، أسعد الشيباني، الجمعة، تناولا خلاله التطورات في سوريا، والخطوات التي تتخذها تركيا وسوريا في ضوء اجتماع وزراء الخارجية والدفاع ورئيسي مخابرات البلدين في أنقرة في 12 أكتوبر الحالي.
وسبق ذلك اتصال آخر أجراه فيدان مع نظيره الأميركي، ماركو روبيو، بحثا خلاله التطورات في المنطقة والوضع في سوريا.
ولفت فيدان إلى زيارة الشرع ولقائه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قائلاً إن «الحوار مطلوب ومفيد دائماً… أقدّر هذا النضج، فمثل هذا السلوك نراه عند رجال الدولة الحقيقيين، لقد مررنا بذلك كثيراً، تشاجرنا ثم جلسنا وتحدثنا، حتى ونحن متخاصمون مع بعض الدول كنا نجلس ونتحدث».
دعم حكومة الشرع
وشدد فيدان على أن تركيا تتعامل مع الملف السوري بجدية بالغة، وليس من منظور «العثمانية الجديدة»، وهو المصطلح الذي روج له البعض من أجل إبعاد تركيا عن محيطها العربي والإسلامي، لافتاً إلى ضرورة معالجة القضايا المتعلقة بسوريا، مثل اللاجئين والطاقة والتجارة والمعابر الجمركية، في أسرع وقت ممكن.
وقال فيدان إن مؤسسات الدولة وقدراتها المؤسسية في سوريا حديثة العهد وتحتاج إلى بناء، وإن العلاقات التركية السورية وعلاقات تركيا مع الدول الأخرى بشأن القضايا المتعلقة بسوريا، تسير بشكل منظم للغاية.
وأشار إلى عودة ما يقرب من 500 ألف لاجئ سوري في تركيا إلى بلادهم، قائلاً: «نحصي عدد من عبروا الحدود، لكن العودة إلى سوريا لا تقتصر على تركيا فحسب، بل هناك أيضاً الذين عادوا من دول أخرى».
وأكد فيدان أنه طالما استمر الاستقرار والأمن في سوريا، سيستمر عدد السكان هناك في النمو، وبالتالي عودة عجلة الاقتصاد للدوران.