ظاهرة الكاتب أسامة المسلم تثير الجدل وتقسّم الأدباء والنقاد
“لا أستبعد أنه يستخدم شخصيات الجن… للتحريش بين النقاد” هكذا وصف د. حمزة المزيني في تغريدة تهكمية ما يحدث في المشهد الثقافي اليوم جراء أطروحات الروائي الشاب أسامة المسلم.
رفضت دور النشر طباعة روايات المسلم في بداية مسيرته
لم يدر بخلد المسلم “ابن الأحساء” أن مذكراته الشخصية التي حوّلها لرواية ستثير عاصفة من الانتقادات والجدل بين النقاد والمثقفين السعوديين.
تبدأ القصة عندما قرر الشاب المحب للكتابة والتدوين في عام 2015 أن يقتحم عالم الرواية، وتواصل مع دور نشر متعددة لطباعة روايته لكنها رفضت؛ بحجة أن هذا النوع من الأدب لا يستحق النشر لديها.
تصنّف روايات المسلم ضمن أدب “الفانتازيا” والخيال، وهو النوع غير الرائج محلياً وداخل أوساط كثيرة في العالم العربي؛ الأمر الذي دفعه لبيع سيارته وطباعة الرواية على حسابه الخاص.
طُبعت الرواية تحت اسم “خوف”، وبِيعت النسخ الأولى بشكل سريع على قراء المسلم؛ ما دعا دور النشر لعودة التواصل معه، ليستمر المسلم في طباعة نسخ متعددة، وروايات مختلفة وصلت إلى 32 رواية حتى اللحظة.
ذاع صيت الروائي الشاب وصار نجماً في معارض الكتاب المحلية وفي المغرب، والأردن، والجزائر، وتونس؛ ما اضطر السلطات الأمنية في بعض تلك البلدان للتدخل لتنظيم الحشود التي جاءت للفوز بنسخة موقعة منه.
تنبأ المسلم بموجة النقد التي ستلاحقه بسبب كتاباته
قرر د. عبدالله الغذامي بعد هذا الزخم أن يقرأ رواية المسلم “خوف”، لينشر مقالة في صحيفة الجزيرة بعنوان “الجيل الذي يختار لغته (حادثة أسامة المسلم)، وقال: “لمست فيها ظاهرة ثقافية تشير إلى ذائقة جيل شاب عبر عنها الجيل بالتزاحم والإغماءات وبذل الوقت والمال معاً من أجلها. وهذا انتصار للكتابة في زمن ظننا أن الكتابة والكتاب والنص تتعرض للتهديد القدري”.
أثار مقال د. الغذامي حفيظة المجتمع الأدبي السعودي، وما بين مؤيد ومعارض، نشر د. سعد البازعي تغريدة قال فيها إن ظاهرة المسلم كشفت لنا عن فقاقيع نقدية وليست فقط سردية.
ويعد البازعي من أوائل الذين انتقدوا كتابات المسلم؛ لقوله إنها أدب سطحي لا يقرؤه إلا المراهقون، وأنه لم يكمل قراءة كتاباته باعتبار أنها لا تستحق القراءة.
وكان المسلم قد تنبأ في إحدى رواياته بما قد يحدث له من نقد وهجوم، وقال: “ما أكتبه في الصفحات التالية من أحداث وقصص وروايات لن أطلب من أحد تصديقها، ولن أدعي أنها حقيقة حفاظاً على نفسي من سوط النقد الجاهل”.
واعتبر المسلم حديث د. البازعي وبعض النقاد عنه هجوماً عليه وعلى أدب الفانتازيا، وأن ما يحدث له “بلطجة ثقافية”، و”مناطقية”، و”شللية” من بعض “الديناصورات” -كما أسماهم- من الذين يحتكرون المشهد الثقافي.
اتُهم المسلم بشراء الجماهير التي تتدافع حوله
وقد أثار الدكتور سعيد السريحي موجة من التعليقات بعد تشكيكه في جماهيرية المسلم، وما يمكن أن يكون دوراً لدور النشر في “استجلاب” جمهور للكاتب بغرض الإثارة والترويج؛ الأمر الذي اعتبره المسلم مساساً بجماهيره وإساءة لهم.
وحذر د. عبدالله الغذامي في لقائه الأخير على قناة “العربية” من صفة التعالي التي يتخذها بعض النقاد على النصوص الأدبية، مؤكداً أنها “تطور خطير”، وأن ما يحدث في المشهد الثقافي شيء مؤلم، متمنياً ألا يكون ما تعرض له المسلم “تصفية حسابات”.
وفي هذا اللقاء، وصف الغذامي كتابات البازعي في قضية أسامة بالانفعالية والمتوترة، وأنه يعرف البازعي منذ 40 عاماً، وهو لا يقرأ ما يقوم بنقده.
مؤخراً، خرج هاشم الجحدلي في برنامج “سجال” مع الإعلامي مشاري الذايدي، وقال: “أن يكون المسلم شاغلاً للمشهد الثقافي فهذا أمر مفتعل، ولا يمكن تصنيف أعماله على أنها من المستوى العالي، والأفضل في الأدب، ولكنه يظل ناجحاً ويلقى رواجاً عند جماهيره”.
وفي ظل هذا الجدل، لا تزال كتب أسامة ورواياته التي تحفظت عن طباعتها دور النشر قبل سنوات، هي اليوم بلغة الأرقام الأكثر مبيعاً، وجلسات توقيع الكتب التي يعقدها هي الأكثر ازدحاماً، ويبقى السؤال لماذا كل هذا الجدل؟