قال مسؤولون عراقيون إن السلطات منعت هيئة «الحشد الشعبي» من الاستحواذ على أرض وُصفت بأنها «ثمينة» وسط بغداد، بعدما تفجر خلاف وجدل بين أطراف داخل الحكومة.
واندلع لغط بشأن مساعٍ لهيئة «الحشد» للاستحواذ على الأرض التي تبلغ مساحتها نحو 100 دونم في منطقة الجادرية، والمطلة على نهر دجلة، وهي من أغلى المناطق العقارية في العاصمة.
وتفاقمت القضية بشكل مفاجئ عقب بيان مقتضب أصدرته وزارة الإعمار والإسكان، المالكة للأرض، نفت فيه تقديم أي تنازل عنها لصالح هيئة «الحشد الشعبي».
وقالت الوزارة، في بيان صحافي: «إشارة إلى ما تداولته بعض المواقع ووسائل الإعلام بشأن تنازل وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة عن أراضٍ عائدة لها في منطقة الجادرية على ضفاف دجلة لصالح هيئة (الحشد الشعبي)، نبيّن أنه لم يتم أخذ رأي الوزارة في الموضوع. وترى الوزارة أن الموقع مناسب لإقامته متنزهاً عاماً بمساحات خضراء، نظراً لإطلالته على النهر».
«الأغلى في بغداد»
وتشهد منطقة «الجادرية»، وسط بغداد، وجوداً مكثفاً لأحزاب «الإطار التنسيقي»، إلى جانب مقرات أمنية تابعة لفصائل «الحشد الشعبي»، كما تضم في الوقت نفسه وكالات تجارية كبيرة في منطقة هي الأغلى في العاصمة.
وقال مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» إن الوزارة «تمكنت من إيقاف محاولة (الحشد) السيطرة على نحو 100 دونم ضمن جامعة بغداد في الجادرية، بينها 20 دونماً عائدة لأمانة بغداد، فيما تعود المساحة المتبقية لوزارة الإعمار».
وأكد المصدر أن الوزارة «استندت إلى اللوائح القانونية وملكية الأرض ذات الرقم 337/152 العائدة لها وفق بيانات التسجيل العقاري، وتبلغ مساحتها نحو 80 دونماً».
وأشار أيضاً إلى أن «هيئة (الحشد) تعهّدت بالالتزام بالإجراءات القانونية فيما يتعلق بالحصول على الأرض من عدمه».
وكانت هيئة «الحشد الشعبي» قد أعلنت، الخميس الماضي، استكمال إجراءات نقل ملكية عدد من الأراضي العائدة للدولة في بغداد إلى الهيئة.
وذكرت الهيئة، في بيان، أن «التنازل تم رسمياً عن قطعة أرض تابعة لوزارة الإعمار والإسكان، إضافة إلى أراضٍ تابعة لأمانة بغداد بمساحة 20 دونماً في الجادرية، تحمل الرقم 184 في مقاطعة الزوية، وذلك بموجب أمر ديواني صادر عن الجهات المختصة».
وأضاف البيان أن «لجنة قانونية مختصة، تضم هيئة المساحة والتسجيل العقاري وشعبة الزراعة ومديرية عقارات (الحشد الشعبي)، أنجزت يوم الخميس 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 إجراءات التسوية»، مشيراً إلى أن الأرض فُرزت لصالح الشؤون الهندسية في رئاسة أركان «الحشد الشعبي»، ومعالجة التداخل الناجم عن عقد سابق كان يقصر استخدام الأرض على الزراعة لا السكن.
وأكدت الهيئة أن «هذه الأراضي كانت متجاوزاً عليها من بعض المواطنين الذين اعترضوا على القرار الرسمي، واعتدوا على عدد من منتسبي (الحشد) أمام مقر الشؤون الهندسية، مدعين ملكيتهم للأرض دون سند قانوني». وأضافت: «قام المتجاوزون بالتجمع أمام المقر ونصب خيمة واستغلال الطابع العشائري لتأجيج الموقف عبر وسائل إعلام مغرضة ومنصات التواصل».

سجال سياسي
تأتي أزمة الأرض في ظل سجال مستمر بين وزارات في حكومة محمد شياع السوداني، التي قضت المحكمة الاتحادية بحصر مهماتها في «تصريف الأعمال» فقط.
وسبق ذلك خلاف بين وزير العمل أحمد الأسدي من جهة، ووزارة المالية ومصرف الرافدين من جهة أخرى، بشأن أموال صندوق الضمان الاجتماعي، ليتجدد التوتر هذه المرة بين هيئة «الحشد الشعبي» ووزارة الإعمار والإسكان.
ويرى مراقبون أن هذه الخلافات تعكس صراعات عميقة خلف الكواليس بين أجنحة داخل قوى «الإطار التنسيقي»، التي تتفاوض على تشكيل حكومة جديدة، في حين لم يصدر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حتى الآن أي بيان يوضح موقفه من مجمل هذه الحوادث بين مؤسسات ووزارات حكومته.

