كشفت تسريبات، اليوم (الثلاثاء)، أن رئيس«مجلس السيادة» السوداني، القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، أقال النائب العام الفاتح طيفور من منصبه، وعيّن مولانا ناصر البدري بديلاً له.
ووفق مصادر نيابية تحدثت لــ«الشرق الأوسط»، فإن النائب العام أُبلغ في خطاب رسمي بإقالته، وشملت الإعفاءات أيضاً عدداً من كبار مساعديه، وهم ياسر بشير البخاري وعامر محمد إبراهيم وماجد ياسر أحمد، وهم من المحسوبين على الصف الأول في «الحركة الإسلامية».
وقالت المصادر إن النائب العام الجديد لا يُعرف له ولاء لتيار سياسي محدد.
ولم تكن خطوة إقالة النائب العام مفاجئة لكثيرين، ولا سيما أن موالين للجيش وبعض أنصار النظام السابق كانوا قد شنّوا حملات انتقاد عنيفة على الرجل، في منصات التواصل الاجتماعي، بسبب ما وصفوه «تساهله في عدم تحريك القضايا ضد القوى المدنية المناهضة للحرب من النيابة العامة للمحاكم».
وتأتي أنباء الإقالات بعد أيام قليلة من تغيرات واسعة أجراها البرهان في هيئة قيادة الجيش، بإحالة عدد من كبار الضباط على التقاعد، من بينهم 3 من المعروفين بولائهم الشديد للنظام السابق، وهي التغيرات الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.
وفي السياق، أعاد البرهان تعيين القاضي، وهبي أحمد مختار، رئيساً للمحكمة الدستورية، وقد سبق أن تولى المنصب نفسه لسنوات حتى سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير بـ«ثورة ديسمبر» (كانون الأول) 2019.
ويعتقد على نطاق واسع أن تعيين رئيس المحكمة الدستورية، الذي ظلّ منصبه شاغراً طيلة فترة الحكومة الانتقالية، برئاسة عبد الله حمدوك (2020 – 2021)، جاء لتسريع الأحكام الصادرة بالإعدام والسجن بحقّ المتهمين بالتعاون مع قوات «الدعم السريع».
ولا ينفصل توقيت هذه الإقالات والتعيينات الجديدة في الأجهزة العدلية والقضائية عن التغييرات الواسعة التي أجراها البرهان في الجيش، عقب لقائه السري بمستشار الرئيس الأميركي للشرق الأوسط وشؤون أفريقيا مسعد بولس، في مدينة زيوريخ السويسرية، مطلع أغسطس (آب) الحالي.
ويذهب كثير من التحليلات إلى أن الإحالات الأخيرة في الجيش «ترتبط بشكل وثيق بخريطة طريق أميركية قدّمت للبرهان، تتطلب إبعاد تأثير التيار الإسلامي المتشدد الرافض لوقف الحرب الذي يقوده علي كرتي».
وحسب إعلاميين ومنصات مؤيدة للجيش السوداني، يتوقع صدور قرارات أخرى في وقت قريب جداً، بإعفاء 8 من حكام الولايات العسكريين، أبرزهم ولاة البحر الأحمر، ونهر النيل، والجزيرة بوسط البلاد.
كما يتوقع صدور قرارات بإحالات وترقيات في وزارة الداخلية، تشمل قوات الشرطة في مختلف مستوياتها.
ومنحت التعديلات على الوثيقة الدستورية (2019 – 2025) رئيس «مجلس السيادة» حقّ تعيين وإعفاء رئيس القضاء ونوابه، ورئيس وأعضاء «المحكمة الدستورية»، بعد ترشيحهم من «مجلس القضاء العالي»، الذي يُعينه البرهان.
وعلّق المتحدث الرسمي باسم «هيئة الاتهام» في قضية انقلاب 1989، معز حضرة، في منشور على موقع «فيبسوك»، قائلاً: «إن البرهان أعاد تعيين رئيس المحكمة الدستورية في عهد المخلوع عمر البشير، الذي سبق أن أمر بإطلاق قادة النظام المعزول، من بينهم أحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين».
وأضاف: «إن السيناريو أصبح واضحاً، وإن المحكمة الدستورية ستقوم بشطب كل قرارات محاكمة فلول النظام المعزول المتوقفة بحجة سقوطها بالتقادم».
وعُدَّت التغييرات التي أجراها البرهان الأوسع منذ انقلاب الجيش على الحكومة المدنية الانتقالية في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، واندلاع الحرب ضد «قوات الدعم السريع».