
في ظل ضغوط إقليمية ودولية متزايدة، يدخل حزب الله مرحلة سياسية دقيقة في ضوء ما بات يُعرف بـ”الورقة الأميركية” التي تُطرح كمدخل لنزع سلاح الحزب وإنهاء حالته العسكرية خارج إطار الدولة اللبنانية. ومع تسليم الحكومة اللبنانية ردّها الرسمي على الورقة للوسيط الأميركي، تتكثف المؤشرات حول ما يريده حزب الله فعلياً في هذه اللحظة الحرجة.
منذ لحظة تسرب تفاصيل الورقة، كان الموقف الأولي لحزب الله حاسمًا: لا تسليم للسلاح خارج اتفاق وطني، ولا قبول بأي خطة يعتبرها “استسلامًا مشروطًا” أمام إسرائيل، وقد عبّر الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، بوضوح عن هذا الموقف، معتبرًا أن الحزب لن يتنازل عن “حقه المشروع في المقاومة”، وأن نزع السلاح ليس مطروحًا “تحت الضغط ولا بالترهيب السياسي أو الإعلامي”.
بحسب مصادر سياسية مقربة من الحزب، فإن مطالب حزب الله من أي تسوية ترتكز على خمس نقاط رئيسية:
-الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المتبقية المحتلة، وعلى رأسها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، كشرط أولي قبل الحديث عن أي تخفيف للسلاح.
-تقديم ضمانات دولية صارمة تمنع إسرائيل من خرق السيادة اللبنانية، سواء جوًا أو برًا، بما يشمل وقف الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق الأراضي اللبنانية.
-إدماج السلاح في استراتيجية دفاعية وطنية يشرف عليها الجيش اللبناني، لا أن يُسلّم السلاح ببساطة، وإنما يُعاد تنظيم دوره ضمن سياسة أمنية وطنية شاملة.
-ضمان عدم تدخل خارجي في الشأن اللبناني الداخلي، وهو بند تكرر في أكثر من خطاب لقادة الحزب الذين يرون في التدخل الأميركي محاولة لإعادة تشكيل الواقع السياسي اللبناني بما يخدم مصالح إسرائيل.
في ظل التوازنات القائمة، يبدو أن حزب الله يريد تجنب الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، لكنه لن يقبل بتسليم ورقة سلاحه دون مكاسب استراتيجية واضحة. أما الورقة الأميركية، فرغم كونها قابلة للنقاش، إلا أنها لن تمر على الأرجح دون تعديل كبير في محتواها، ورضى الحزب.