
لطالما كانت مطالب المجتمع الدولي من الحكومة اللبنانية واضحة ومحددة، تتمحور بشكل أساسي حول تنفيذ إصلاحات هيكلية اقتصادية، مالية، وقانونية من شأنها أن تُعيد لبنان إلى المسار الصحيح بعد سنوات من الأزمات المتتالية. لكن، وعلى الرغم من تلك المطالب، يظل السؤال المطروح: هل الحكومة اللبنانية قادرة على تحقيق هذه الإصلاحات في ظل الأوضاع الراهنة؟
لكن، ورغم الضغوط الدولية، لا تزال الإصلاحات اللبنانية تتقدم ببطء شديد. فمن جهة، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إصلاح اقتصادي، لكن التنفيذ الفعلي لهذه الخطة يواجه العديد من العقبات.
على سبيل المثال، في ما يخص إصلاح القطاع المصرفي، رغم بعض التقدم في إعادة هيكلة الديون وتشكيل لجنة مختصة، إلا أن البنوك اللبنانية لا تزال تُعاني من أزمة سيولة خانقة، ولم يُبذل جهد كافٍ لضمان حماية حقوق المودعين.
أما بالنسبة لمكافحة الفساد، فرغم تشكيل بعض الهيئات لمكافحة الفساد، إلا أن الإجراءات كانت غير فعّالة في مواجهة كبار المسؤولين الفاسدين، بل إن بعض الشخصيات التي تُتّهم بالفساد لا تزال تتمتع بنفوذ سياسي واسع.
وفيما يتعلق بالقطاع العام، كانت هناك محاولات لتحديث القوانين الإدارية، لكنها تصطدم باستمرار بعقبات سياسية، مما يعرقل تنفيذ التغييرات بشكل شامل.
وفي ظل هذه التحديات، يظل هناك أمل ضئيل في أن تنجح الحكومة الحالية في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. وقد يكون الحل في الاستفادة من الدعم الدولي بشكل أفضل، سواء من خلال مساعدة مالية مشروطة بالإصلاحات، أو عبر إيجاد حلول توافقية بين القوى السياسية التي قد تضطر في النهاية إلى اتخاذ خطوات جدية في تنفيذ الإصلاحات من أجل تجنب المزيد من الانهيار.
لكن الإصلاحات لن تتحقق إلا إذا نجحت القوى السياسية في لبنان في تجاوز انقساماتها، والتوصل إلى توافق سياسي حول أولويات المرحلة القادمة. كما أن الضغط الشعبي والدولي قد يلعب دورًا حاسمًا في تحفيز الحكومة على التحرك بسرعة أكبر.