
في خطوةٍ وُصِفَت بالاستفزازية، أجرى المتحدث باسم جيش العدوّ الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الأسبوع الماضي جولةً ميدانية قبالة بلدة الخيام في جنوب لبنان، حيث ظهر في صور نُشِرَت على منصّات التواصل الاجتماعي داخل ما سمّاه “الموقع الدفاعي الأمامي” للجيش الإسرائيلي.
وقد أثارت الزيارة موجةً من التنديد الرسمي اللبناني، وسط تساؤلاتٍ حول توقيت ودلالات هذه الخطوة.
أدرعي كان قد صرّح بأن زيارته جاءت لتفقّد التطوّرات الميدانية بعد “عملية سهام الشمال” التي أطلقتها إسرائيل سابقًا، مشدّدًا على أن الجيش الإسرائيلي لن يسمح “بنموّ التهديدات الإرهابية على حدوده الشمالية”، في إشارةٍ واضحة إلى حزب الله.
وتأتي الزيارة في وقتٍ حسّاس، بعد أشهر من اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل العام الفائت.
ردّ الحكومة اللبنانية جاء سريعًا، حيث أدان رئيس الحكومة نواف سلام ما وصفه بـ”الاستعراض العسكري الاستفزازي”، مطالبًا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياتهم لردع إسرائيل عن خرق السيادة اللبنانية، ووقف انتهاكاتها المتكرّرة لقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 1701.
تحمل زيارة أدرعي أبعادًا تتجاوز الحدود الميدانية، إذ يرى مراقبون أنها محاولةٌ إسرائيلية لتوجيه رسالة مزدوجة: طمأنة الداخل الإسرائيلي بجاهزية الجيش على الجبهة الشمالية، وتوجيه تحذيرٍ مبطّن لحزب الله عبر الإعلام.
في المقابل، يُنظَر إليها لبنانيًّا على أنها جزءٌ من حربٍ نفسية مستمرّة تهدف لتثبيت واقعٍ عسكري في الجنوب يُخالف التفاهمات الدولية.
اللافت أن بلدة الخيام تحديدًا لها رمزيةٌ خاصة في الوعي الوطني اللبناني، بوصفها شاهدةً على الاحتلال والمقاومة، ما يجعل من أيّ استعراضٍ قبالتها فعلًا مشحونًا بالمعاني السياسية.
في المحصّلة، تؤكّد هذه الجولة أن حالة اللاسلم واللاحرب لا تزال تهيمن على العلاقة بين لبنان وإسرائيل، حيث يُترجَم الصراع اليوم بلغة الصور والمواقف الميدانية، في انتظار انفراجٍ دبلوماسي، أو انفجارٍ أمنيّ جديد.