
في ظل الانهيار الاقتصادي المستمر في لبنان، بات القطاع العام أحد أبرز ضحاياه، حيث يعاني الموظفون من تراجع حاد في القدرة الشرائية، وتآكل رواتبهم. هذا الواقع أدى إلى عودة الإضرابات والاحتجاجات، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن فرض ضرائب جديدة ضمن خطة تعافي اقتصادي تدفع بها الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
فالإضرابات التي شهدها لبنان منذ عام 2022 كانت بمثابة صرخة رفض ضد الإهمال الحكومي المزمن، لكنها في الوقت نفسه سلطت الضوء على هشاشة الدولة وعجزها عن تقديم حلول جذرية.
ومع ازدياد الضغوط الخارجية لتنفيذ إصلاحات مالية، باتت الحكومة اللبنانية تدرس فرض ضرائب جديدة بعد زيادة المائة ألف على سعر صفيحة البنزين، أبرزها:
-زيادة ضريبة القيمة المضافة (TVA)
-ضرائب على الأملاك والسيارات
-فرض رسوم إضافية على الاتصالات والخدمات العامة
هذه الخطوات في نظر مراقبين قد تؤدي إلى انفجار اجتماعي جديد، خاصة إذا لم تترافق مع تحسينات فعلية في الرواتب أو الخدمات. ويُخشى أن يكون موظفو القطاع العام، الذين يعانون أصلاً من التهميش، في مقدمة المتضررين.
ويبدو أن احتمال تحرك موظفي القطاع العام من جديد بات أمراً مرجحاً، وقد يتخذ أشكالاً أكثر تنسيقاً وضغطاً، ومن أبرز السيناريوهات المحتملة: إضرابات مفتوحة: خصوصاً في الإدارات الحيوية مثل المالية، وقطاع التعليم، إغلاق الطرقات، أو الاعتصامات أمام مؤسسات الدولة والوزارات.
ان ما تقدم يؤشر الى أن لبنان يقف على مفترق طرق دقيق، حيث بات أي تحرك حكومي لفرض ضرائب جديدة من دون خطة شاملة لإصلاح الرواتب والبنية الإدارية، بمثابة صب الزيت على نار الغضب الشعبي. فالقطاع العام، رغم ترهله، يبقى العمود الفقري للخدمات الرسمية، وأي انهيار في توازنه الوظيفي قد يؤدي إلى مزيد من الشلل في مؤسسات الدولة، وفي حال لم يتم الاستماع إلى صرخات الموظفين ومعالجة الأزمة الاقتصادية بروح إصلاحية حقيقية وعادلة، فإن الشارع اللبناني، بقيادة العاملين في القطاع العام، مرشح لموجة احتجاجية جديدة قد تتجاوز طابعها المهني لتأخذ بُعداً اجتماعياً واسعاً.