اعتقلت سلطات الهجرة الأميركية خلال الشهور الماضية مئات الأشخاص في جنوب كاليفورنيا، ما أشعل موجة احتجاجات واسعة ضد هذه الحملات، وأدى إلى نشر وحدات من الحرس الوطني ومشاة البحرية في عدد من المناطق، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.
وأضافت الوكالة في تقرير نُشر السبت، أن الطبيبة وفاء الراشد لاحظت مؤخراً تراجع عدد مرضاها الذين يترددون على المستشفى الذي تعمل فيه في لوس أنجلوس، وذلك مع تصاعد مخاوف الجالية اللاتينية من حملات المداهمات والاعتقالات التي تنفذها سلطات الهجرة الأميركية.
الطبيبة المولودة في ولاية يوتا وتشغل منصب كبيرة الأطباء في مستشفى Huntington، تفهمت تلك المخاوف على مستوى شخصي أيضاً، إذ بدأ زوجها رامي عثمان، المغني وعازف الموسيقى الكلاسيكية التونسي، مؤخراً في حمل إيصال يثبت تقدمه بطلب للحصول على البطاقة الخضراء، تحسباً لأي طارئ.
ورغم أن عثمان عاش في الولايات المتحدة لأكثر من 10 سنوات وكان من بين آلاف المقيمين المتزوجين من مواطنين أميركيين، فإنه لم ينجُ من هذه الحملة.
وفي 13 يوليو الماضي، أوقف عناصر من الهجرة عثمان أثناء توجهه إلى متجر بقالة في مدينة باسادينا، فسارع إلى إبراز أوراقه، لكن، بحسب ما روته زوجته، لم يكن لذلك أي أثر على تصرفات الضباط.
وقالت: “لم يكترثوا لما كان يحمله من مستندات، وطلبوا منه الخروج من السيارة”. وكانت تتابع عملية اعتقاله لحظة بلحظة عبر تطبيق “فيس تايم”، حيث شاهدت اعتقال زوجها بشكل مباشر، ما أدخلها في حالة من الذهول.
وانطلقت على الفور بسيارتها متبعة موقعه عبر الهاتف، لكنها وصلت فقط لترى ملامح رأسه من خلف نافذة مركبة تغادر المكان، مضيفة: “كان ذلك على الأرجح أسوأ يوم في حياتي”.
وأوضحت “أسوشيتد برس” أن حملة إدارة ترمب ضد الهجرة غير الشرعية لم تقتصر على الأشخاص المقيمين دون وضع قانوني فقط، بل طالت أيضاً مقيمين دائمين مثل عثمان ممن يحملون بطاقة الإقامة الخضراء، بل وحتى بعض المواطنين الأميركيين.
وأضاف التقرير أن العديد من طالبي اللجوء، الذين يلتزمون بالحضور الدوري إلى مراكز الهجرة، جرى اعتقالهم في ممرات المحاكم قبل دخولهم جلساتهم، وذلك في إطار سعي البيت الأبيض لتحقيق وعوده بتنفيذ ترحيلات جماعية.
وأكدت الطبيبة أن زوجها يعيش في الولايات المتحدة منذ عام 2015، وكان قد تجاوز مدة تأشيرة السياحة التي دخل بها البلاد، غير أن أمر ترحيله أُلغي عام 2020. وأوضحت أنهما تزوجا في مارس 2025، وسرعان ما قدما طلباً رسمياً لتسوية وضعه القانوني والحصول على البطاقة الخضراء.
وبعد اعتقاله، نُقل عثمان إلى مركز احتجاز تابع لدائرة الهجرة والجمارك الأميركية ICE في وسط مدينة لوس أنجلوس، ووصفت الراشد ظروف الاحتجاز هناك بقولها: “الغرفة شديدة البرودة، ولا توجد أسرّة أو وسائد أو أغطية، لا صابون، ولا فرشاة أو معجون أسنان، والحمام مكشوف في الغرفة رغم وجود معتقلين آخرين”.
ورغم أن وزارة الأمن الداخلي الأميركية أقرت، في بيان عبر البريد الإلكتروني، بانتهاء صلاحية تأشيرة عثمان السياحية، فإنها لم تشر إلى إسقاط أمر ترحيله عام 2020 أو إلى طلبه المُعلّق للحصول على البطاقة الخضراء.
كما نفت الوزارة أي ادعاءات بسوء المعاملة، مؤكدة أن “ضمان سلامة وأمن ورفاه الأفراد المحتجزين لدينا أولوية قصوى في دائرة الهجرة والجمارك الأميركية”.
وبعد أكثر من أسبوع على اعتقاله، انضم موسيقيون آخرون وناشطون في مجال حقوق المهاجرين إلى الراشد في وقفة احتجاجية أمام مركز الاحتجاز، حيث قدّم بعض زملائه عروضاً موسيقية عربية كلاسيكية، مستخدمين الطبول والعزف بأصوات عالية على أمل أن يتمكن المحتجزون في الداخل من سماعها.
وأعرب الراشد عن أمله في أن يتم إطلاق سراح زوجها بكفالة ريثما يُبت في قضيته، موضحة أنهما مثلا أمام المحكمة في جلسة إجرائية، الخميس، للتحقق من وضعه القانوني، فيما تقرر عقد جلسة للنظر في طلب الكفالة الثلاثاء المقبل.