إسرائيل تمنع دخول رئيس بلدية برشلونة بسبب انتقاد ممارساتها في غزة
في إطار «العقوبات» التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية على دول ومؤسسات بلدية ومدنية في العالم، بسبب إداناتها للحرب على غزة، وما يرافقها من أعمال قتل وتدمير وتجويع وترحيل، منعت السلطات في تل أبيب دخول رئيس بلدية برشلونة، خاومي كولبوني، إلى البلاد. وعدّته شخصية غير مرغوب بها.
جاء هذا الإجراء الإسرائيلي، بعد شهرين من القرار الذي اتخذه المجلس البلدي في المدينة الإسبانية، بقطع العلاقات مع الحكومة الإسرائيلية وإنهاء اتفاقية التوأمة مع مدينة تل أبيب.
كان كولبوني يعتزم زيارة إسرائيل والضفة الغربية، الجمعة، وخططاً لزيارة مؤسسة «ياد فاشيم» والمتحف الكبير الذي يخلد ضحايا الهولوكوست وجرائم النازية الألمانية ضد اليهود وغيرهم في أوروبا، القائم في القدس الغربية، لكنه لم يغادر إسبانيا بعد رفض طلبه.
وحسب ما ورد في تقرير صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقد قدّم كولبوني طلباً عبر منظومة خاصة أقامتها إسرائيل لمراجعة مسبقة لطلبات الدخول من الدول المعفاة من التأشيرة، لكن طلبه «رُفض بسبب تصريحاته ضد إسرائيل». وذكرت الصحيفة أن القرار اتُّخذ في دائرة السكان والهجرة في وزارة الداخلية، بالتنسيق مع القائم بأعمال وزير الداخلية، ياريف ليفين، ووزير الخارجية، جدعون ساعر، ورئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي.
كان مجلس بلدية برشلونة، برئاسة كولبوني المنتمي للحزب الاشتراكي، قد صوّت في نهاية مايو (أيار) الماضي لصالح قطع «كل العلاقات المؤسسية مع الحكومة الإسرائيلية الحالية»، إلى حين احترام حقوق الإنسان في قطاع غزة. وشمل القرار أيضاً إنهاء اتفاقية التوأمة مع مدينة تل أبيب، التي كان كولبوني نفسه قد أعاد تفعيلها في سبتمبر (أيلول) الماضي بعد أن ألغتها سلفه، آدا كولاو. وتضمّن قرار المجلس سلسلة خطوات إضافية ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلية. وشمل القرار منع التعاون مع «شركات مرتبطة بالحكومة الإسرائيلية، كما حددتها الأمم المتحدة بأنها تعمل بشكل غير قانوني في الأراضي المحتلة»، وكذلك منع إدارة معرض التجارة الدولي في برشلونة من استضافة أجنحة إسرائيلية، فضلاً عن دعوة مرفأ المدينة إلى الامتناع عن استقبال سفن تحمل أسلحة متجهة إلى إسرائيل.
وقال رئيس بلدية برشلونة كولبوني، حينها، إن «مستوى المعاناة والموت الذي شهدته غزة على مدار العام ونصف العام الماضيَين، بالإضافة إلى الهجمات المتكرّرة التي شنتها الحكومة الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة… تجعل أي علاقة بين المدينتَين غير قابلة للاستمرار».
يذكر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراءه يهاجمون كل من ينتقد سياستهم في غزة ويتهمونهم بالعداء للسامية ولليهود. وفي مطلع الأسبوع، وجه رسالتين إلى كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولرئيس حكومة أستراليا أنتوني ألبانيزي، حملهما فيها مسؤولية تصاعد هذا العداء في بلديهما، متجاهلاً أن الانتقادات لإسرائيل جاءت بسبب بشاعة ممارساتها في غزة وفي الضفة الغربية.
واتهم ألبانيزي بأنه لا يعرف كيف يتعامل مع «وباء اللاسامية التي تفاقم في فترة ولايته»، واتهم ماكرون بأنه «أشعل نار اللاسامية». لكن هذه الاتهامات تلقى ردود فعل غاضبة في إسرائيل وفي أوساط يهودية عديدة في العالم.
وقد كتبت الصحافية كارولينا ليندسمان، في صحيفة «هآرتس»، الجمعة، عما يقوله خبراء إسرائيليون عديدون من أن «تشخيص نتنياهو هذا وتشبيهه أي احتجاج ضد إسرائيل بمعاداة السامية، ليس بريئاً، بل محسوب. فخلافاً لما قاله، نتنياهو غير معني بقمع اندلاع اللاسامية بل بإذكائها. أجل، يجب أن نقرأ هذا عدة مرات من أجل استيعاب أن هذه الأقوال تقال بجدية عن رئيس حكومة إسرائيل. اللاسامية سوف تسجن الأقلية الليبرالية في داخل الغيتو النووي الذي هندسه لنا نتنياهو هنا. هي ستضمن أن الأموال ستظل في إسرائيل، وستواصل التدفق إليها؛ وأن اليهود الفرنسيين والأستراليين سيشترون شققاً في إسرائيل للأيام العصيبة، وأن الاقتصاد الإسرائيلي سيظل مستقراً مهما ساءت الأحوال في البلاد، وأن الهجرة إليها في ازدياد. وأن إسرائيل ستظل ملاذاً ضريبياً، وملاذاً نووياً».
وأضافت: «إلى أن يحرر نتنياهو الإسرائيليين الموجودين في أسر (حماس)، فعليه أن يعثر على أشخاص أغبياء آخرين ليلقي عليهم مواعظه الأخلاقية».