
تأتي زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى بيروت الخميس المقبل في توقيت بالغ الخطورة، حيث تتكثف التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية لاحتواء احتمالات التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان.
وتندرج هذه الزيارة في سياق دور مصري متجدد يسعى إلى تثبيت الاستقرار ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة أوسع، عبر مقاربة تجمع بين السياسة الهادئة والاتصالات المباشرة مع مختلف الأطراف المعنية.
وتحمل هذه الزيارة المقررة الخميس دلالات سياسية تتجاوز بعدها البروتوكولي، إذ تعكس حرص القاهرة على إعادة تثبيت لبنان ضمن معادلة الاستقرار الإقليمي، وعدم تركه ساحة مفتوحة لتبادل الرسائل العسكرية. فمصر، التي راكمت خبرة طويلة في إدارة الأزمات الإقليمية، تتحرك من منطلق أن أي انفجار على الجبهة اللبنانية لن يبقى محصوراً في حدوده الجغرافية، بل ستكون له ارتدادات مباشرة على الأمن الإقليمي، بما في ذلك الأمن القومي العربي.
ومن المتوقع أن تركز مباحثات مدبولي في بيروت على التأكيد على أولوية التهدئة، ودعم المؤسسات اللبنانية، والتشديد على أهمية تجنيب المدنيين كلفة أي تصعيد محتمل. كما تحمل الزيارة رسالة سياسية مفادها أن القاهرة ترى في الحوار والضغوط الدبلوماسية المتوازنة السبيل الأكثر فاعلية للحد من المخاطر، بعيداً عن منطق المغامرة العسكرية.
وتأتي هذه الخطوة ضمن مسار أوسع تتحرك فيه مصر على أكثر من خط، مستفيدة من شبكة علاقاتها الإقليمية والدولية، وقدرتها على التواصل مع عواصم القرار المؤثرة. فالتحرك المصري لا يهدف فقط إلى إطفاء حريق آني، بل إلى منع اشتعال مسارات توتر جديدة قد تعيد خلط الأوراق في المنطقة بأكملها.
في المقابل، تمثل الزيارة دعماً سياسياً ومعنوياً للبنان في مرحلة دقيقة، تعاني فيها البلاد من أزمات داخلية متراكمة وضغوط خارجية متزايدة. ويُنظر إلى الدور المصري كعامل توازن يسعى إلى تحصين الساحة اللبنانية، ومنحها هامشاً إضافياً للمناورة السياسية بعيداً عن شبح الحرب.
نختم لنقول إن زيارة مدبولي إلى بيروت تعكس رهان القاهرة على دبلوماسية الوقاية، وإيمانها بأن الاستثمار في الاستقرار أقل كلفة بكثير من إدارة تداعيات الصراع، في منطقة لم تعد تحتمل مزيداً من الحروب.

