يقدّم تجربة حية للبيت الحجازي القديم بكل تفاصيله الدقيقة وعاداته اليومية
في قلب جدة التاريخية، تقف داليا العبدلي أمام منزلٍ ورثت داخله ذاكرة كاملة من عادات وتقاليد البيوت الحجازية القديمة، لتحوّله إلى متحف يحمل اسم “تراث وأثر”، يعكس تفاصيل الحياة اليومية التي عاش عليها أهالي الحجاز في الماضي.
بدأت العبدلي حديثها بالإشارة إلى واحدة من العادات المنزلية التي كانت تُمارس في معظم البيوت الحجازية القديمة، وهي تعليق مجسم حذاء صغير بجانب باب المنزل للدلالة على وجود ربّ البيت. فإذا كان المجسم موضوعاً على الجدار، تدرك الجارات أن الزوج موجود، فيمتنعن عن الدخول احتراماً للخصوصية، أما في حال غيابه فإزالته تعني أن الزيارة متاحة لسيدة المنزل.
وتجوّل فريق “أخبار 24” داخل البيت، حيث يتكون من “الصفة” و”المجلس”. في الصفة يقع ركن “البشتختة” المقابل لمكان جلوس صاحب البيت، وهو المكان الذي كانت تُعد فيه المرأة الشاي والقهوة، وتنقل من خلاله لزوجها ما تسمعه من مشكلات نساء الحارة، ليقوم بدوره بطرحها على رجال الحي والسعي في مساعدة الأرامل والمطلقات، في مشهد يعكس قيم المساندة الاجتماعية التي عُرف بها المجتمع الحجازي قديمًا.
أما المجلس فيضم “الكرويتة”، وهو مقعد طويل يحتوي على مساحة للتخزين تُرتّب فيها اللحف والمفارش التي تُستخدم ليلاً، حيث يتحوّل المجلس إلى مساحة للنوم العائلي أو لاستقبال الضيوف.
كما عرضت العبدلي مجموعة من القطع التراثية التي ورثتها عن أسرتها، أبرزها ماكينة خياطة قديمة ارتبطت قديماً بفكرة جاهزية الفتاة للزواج، إلى جانب سجادة حمراء يزيد عمرها على مائة عام، لفتت أنظار مغنٍ عالمي خلال مشاركته في حفل بجدة، حيث استخدمها كخلفية خلال أدائه بعد أن علم بتاريخها.
وأوضحت العبدلي أنها التقت بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال إحدى زياراته لجدة، وقدمت له عطراً خاصاً صنعته وفاءً لوالدها.
ويقدّم متحف “تراث وأثر” اليوم تجربة حية للبيت الحجازي القديم، بكل تفاصيله الدقيقة وعاداته اليومية؛ محافظاً بذلك على هوية تراثية ما زالت تسكن ذاكرة جدة وأهلها.

