أعلنت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» و«قوات الدعم السريع»، في بيانين منفصلين، أن 45 مدنياً لقوا مصرعهم وأصيب 8 آخرون بجروح بالغة، بينهم نساء وأطفال، في هجوم شنّته طائرة مسيّرة قتالية تابعة للجيش على منطقة كُمو في جنوب إقليم كردفان.
ويتزامن ذلك مع تصاعد المعارك العنيفة بين «الدعم السريع» وقوات الجيش المتحصّنة في مقر «الفرقة 22 مشاة» في مدينة بابنوسة غرب كردفان، وذلك رغم الهدنة التي أعلنتها «قوات الدعم السريع» مؤخراً من طرف واحد.
وفي بيانها، أدانت «الحركة الشعبية» الهجوم على كُمو وعدّته استهدافاً لطلاب المدارس والمواطنين العُزّل، قائلة: «هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يستهدف فيها الجيش مناطق سيطرة (الحركة الشعبية)، إذ سبق أن ارتكب مجازر أخرى بحق الطلاب في مدرسة الهدرا بمدينة هيبان».
وتوعّدت الحركة بالرد بقوة لتحطيم ما سمّته «معبد الحركة الإسلامية الإرهابية»، مؤكدة أنها «ناضلت لأكثر من 4 عقود، ولا تزال، لتحقيق آمال وتطلعات الشعب السوداني المهمّش في الحرية والعدالة والمساواة».
من جانبها، أدانت أيضاً «قوات الدعم السريع» الهجوم، وعدّته «انتهاكاً مروّعاً» استهدف المدنيين في المنطقة، ووصفته في بيانها بأنه «يعكس نهجاً متكرراً من الاستهداف للمدنيين العزل، وانتهاكاً لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني».

ردّ الموالين للجيش
ولم تصدر تعليقات رسمية عن الجيش، لكن منصات إلكترونية موالية له ذكرت أن الجيش وجّه ضربات جوية دقيقة ومكثفة استهدفت معسكراً لتدريب عناصر «الحركة الشعبية» التي يتزعمها عبد العزيز الحلو، ما أدّى إلى مقتل سرية كاملة من الأفراد أثناء وجودهم في المعسكر.
غير أن القيادي في تحالف «الكتلة الديمقراطية» الحليف للجيش، مبارك أردول، الذي يتحدّر من تلك المنطقة، قال على حسابه في «فيسبوك» إن استهداف المدنيين في أي مكان ومن أي جهة كانت، «مدان بأشد العبارات».
ودعا أردول إلى توجيه القتال نحو مناطق انتشار الجيوش بعيداً عن مناطق المدنيين، قائلاً: «كما كنا ندين استهداف المدنيين في كادوقلي والدلنج والعباسية، فإن ذلك ليس مزايدة سياسية واستغلال مواقف».
وطالب بالالتزام بقوانين الحرب، «بغض النظر عن موقفنا من (الحركة الشعبية) وتحالفاتها… لكن المواطن وأعيانه يجب أن يكونا بعيدين عن الاستهداف».
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011 بجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، ظلّت «الحركة الشعبية» تُسيطر على منطقة كاودا الجبلية الحصينة ومناطق أخرى في جنوب كردفان وولاية النيل الأزرق، وفي ذلك الوقت اتّهمت منظمات حقوقية دولية الجيش بقصف المنطقة بالبراميل المتفجرة، وإلحاق أضرار فادحة بالمدنيين.
ورغم اندلاع الحرب الحالية في أبريل (نيسان) 2023، ظلّت تلك منطقة هادئة نسبياً لفترة طويلة، قبل أن تتحول إلى منطقة ساخنة، إثر إعلان «الحركة الشعبية» تحالفها مع «قوات الدعم السريع».
كما شنّت هجمات على بعض البلدات والمدن، وشاركت «الدعم السريع» في محاصرة مدينتي كادوقلي والدلنج من عدة جهات، وتواصلان قصفهما بالمدفعية والطيران المسيّر.
مدينة بابنوسة

وفي مدينة بابنوسة غرب كردفان، تستمر المواجهات العنيفة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» بشكل شبه يومي حول مقر «الفرقة 22 مشاة» التابعة للجيش، التي تُعدّ آخر قلاعه الرئيسية في غرب كردفان.
ونسبت تقارير صحافية إلى مصادر عسكرية أن الجيش تصدّى، الأحد، لهجوم جديد شنّته «الدعم السريع» على دفاعاته المتقدّمة في بابنوسة، استخدم فيه الطائرات المسيّرة والمدفعية.
وتُحاصر «الدعم السريع» قوات الجيش المتحصنة في مقر «الفرقة 22 مشاة» منذ قرابة العامين، قبل أن تتدخل الإدارة الأهلية وتنجح في عقد «هدنة محلية» بين الطرفين استمرت أكثر من عام.
بيد أن «قوات الدعم السريع» اتهمت الجيش بخرق الهدنة قبل عدة أشهر عبر انفتاحه غرباً باتجاه مقر «اللواء 90» التابع للجيش في منطقة هجليج، ثم تصاعدت موجات القتال بعد سيطرة «الدعم السريع» على مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور.
وشهد جنوب كردفان تصعيداً عسكرياً مكثفاً خلال الأيام الماضية من قبل «قوات الدعم السريع» و«قوات الحركة الشعبية» التي شنّت هجمات متتالية على بلدة كرتالا الزراعية، فيما حاول الجيش استرداد بلدة هبيلا من سيطرتهما.
تقاسم السيطرة على كردفان

وتتوزع مناطق السيطرة في إقليم كردفان، المكون من 3 ولايات (شمال وجنوب وغرب)؛ حيث تسيطر «قوات الدعم السريع» على كامل ولاية غرب كردفان، باستثناء مقر «الفرقة 22 مشاة» في مدينة بابنوسة الخالية من السكان، وأيضاً مقر «اللواء 90» التابع للجيش في منطقة هجليج النفطية المحاذية لدولة جنوب السودان.
وفي المقابل، يفرض الجيش سيطرته على معظم المدن والبلدات الرئيسية في ولاية جنوب كردفان، بما فيها العاصمة كادوقلي، في حين تُسيطر «قوات الدعم السريع» على منطقة الدبيبات، وتُسيطر «الحركة الشعبية» على منطقة كاودا وعدد من البلدات.
وفي ولاية شمال كردفان، يسيطر الجيش على بلدات أم روابة والرهد وشيكان، والعاصمة مدينة الأُبيّض، في حين تسيطر «قوات الدعم السريع» على بلدات بارا وجبرة الشيخ وأم بادر وأم دم حاج أحمد، وعدد من البلدات الأخرى الواقعة غرب مدينة الأُبيّض.

