قالت قوات الدعم السريع في السودان، الخميس، إن الطريق الوحيد لإنهاء الحرب هو الدخول في عملية سلام حقيقية تعالج جذور الأزمة، وتُعيد بناء الدولة على أسس جديدة، مستنكرة ما قالت إنها “سياسة الكيل بمكيالين” وتصريحات “متحاملة وغير منصفة”، وذلك بعد ساعات من شن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو هجوماً حاداً عليها.
واتهمت قوات الدعم السريع، في بيان صحافي، الجيش السوداني بأنه “رفض مبادرات وقفِ القتال، وامتنع عن المشاركة فيها”، واعتبرت أنها مستمرة في التعامل بإيجابية مع المبادرات “التي تؤدي لوقف الحرب واستتباب الأمن الإقليمي والدولي”.
وجاء في البيان أن قوات الدعم السريع ألقت القبض على عدد من أفرادها، يشتبه في ارتكابهم جرائم بحق المدنيين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي سقطت في أيدي القوات مؤخراً.
وقالت قوات الدعم السريع إنها تستنكر ما وصفته بـ”سياسة الكيل بمكيالين” التي تنتهجها بعض الأطراف الدولية في الأزمة.
وأضافت أن “قوات الدعم السريع تأسف لكل التصريحات المتحاملة عليها والتي تعتبرها غير منصفة، وتكافئ من يرفضون السلام مما سيسهم في إطالة أمد النزاع، فالطريق إلى السلام يمر عبر الاعتراف بالحقائق على الأرض ودعم جهود الحل العادل والشامل”.
وتابعت أن “هذه المواقف المتحاملة، التي استندت إلى معلوماتٍ مضلِّلة أو أحادية المصدر، إنما في حقيقة الأمر تصوّب سهامها نحو المبادرة الرباعية وجهود الرئيس ترمب والإدارة الأميركية في دعم عملية السلام في السودان، أكثر من كونها تنتقص من مواقف والتزامات مؤسسة قوات الدعم السريع التي ظلت باستمرار تتعاطى بشكل إيجابي مع جهود وقف الحرب في السودان، واستتباب الأمن الإقليمي والدولي”، على حد قولها.
هجوم حاد
وفي وقت سابق من مساء الأربعاء، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من تطورات الأوضاع في السودان، ملقياً باللوم على قوات الدعم السريع التي تخوض قتالاً منذ أكثر من عامين مع الجيش السوداني.
وفي حديثه للصحافيين بعد اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول السبع في كندا، قال روبيو: “قلقون جداً.. نرعى المبادرة الرباعية إلى جانب مصر والسعودية والإمارات، وأعتقد أن المشكلة الجوهرية، التي نواجهها، أن قوات الدعم السريع توافق على أمور معينة، ثم لا تستطيع مطلقاً، ولا مرة، أن تفي بها أو تنفذها”.
وأضاف وزير الخارجية الأميركي: “لدينا الآن كارثة حقيقية بين أيدينا، عقدنا اجتماعات حول هذا الموضوع، وناقشناه مرات عدة مع دول عديدة اليوم، وأعتقد أنه لا بد من اتخاذ خطوات لقطع الأسلحة والدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع بينما تواصل تقدمها، وأرى أن ما تنقله إلينا المنظمات الإنسانية بالغ الدلالة؛ فهي تقول إن مستويات سوء التغذية والمعاناة التي تشهدها لدى بعض من تمكنوا من الفرار غير مسبوقة.. لقد قالوا إنهم سجلوا حالات لم يسبق لهم تسجيلها من قبل”.
وتابع: “أعتقد أن ما هو أشد إزعاجاً أنهم لم يتلقوا أعداد اللاجئين التي كانوا يتوقعون استقبالها، لأنهم يفترضون أن كثيرين منهم إما قُتلوا أو باتوا مرضى ومنهكين من الجوع إلى حدّ أنهم لم يعودوا قادرين على التحرك.. لذا، ما يحدث هناك مرعب.. لقد عملنا، في اعتقادي، منذ يوليو وأغسطس على هذه المبادرة الرباعية، لأن هناك دولًا منخرطة في مساعدة هذه العناصر التي تقاتل على الأرض، ونحن نتشارك الكثير من المخاوف نفسها مع آخرين بشأن كيف يمكن أن يتحول ذلك إلى بؤرة لنشاط إرهابي”.
ورداً على سؤال عما إذا كان يؤيد مسعى من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ لتصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية أجنبية أو ضمن تصنيف SDGT، قال روبيو: “إذا كان ذلك سيساعد في إنهاء ما يجري، فسنؤيده”.
وSDGT هو اختصار لـ Specially Designated Global Terrorist، ويشير إلى “الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص”، وهو تصنيف رسمي تستخدمه وزارة الخزانة الأميركية لتحديد الأفراد والكيانات المرتبطين بالإرهاب عالميًا.
وأضاف روبيو: “لم أطلع على هذا المقترح بعد، لكنني أعلم أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ ناقشوا الأمر معي قبل أشهر، لكن في النهاية، ما نريده هو أن يتوقف هذا (ما يحدث في السودان).. يجب أن يتوقف”.
وتابع وزير الخارجية الأميركي: “أعتقد، للأسف، أن ما يحدث هنا هو أن قوات الدعم السريع خلصت إلى أنها في موقع المنتصر، وأنها تريد الاستمرار، والاستمرار هنا لا يعني مجرد خوض حرب، والحرب في حد ذاتها أمر سيئ بما يكفي، بل إنهم يرتكبون أعمال عنف جنسي وجرائم فظيعة، فظائع مرعبة ضد النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء من أشد الأنواع وحشية، ويجب أن يتوقف ذلك فورًا، وسنفعل كل ما نستطيع لوضع حد له، وقد شجعنا الدول الشريكة على أن تنضم إلينا في هذه المواجهة”.
“بداية حقيقية”
من جانبها، رحّبت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو حول الوضع في السودان.
وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي السفير محي الدين سالم، في تصريح لوكالة السودان للأنباء، إن تسمية الأشياء بمسمياتها وتوجيه الاتهام المباشر لقوات الدعم السريع وإمكانية تصنيفها كمنظمة إرهابية يمهّد الطريق لتصحيح وجهة نظر المجتمع الدولي تجاه ما يجري في السودان.
وأضاف أن تصريحات وزير الخارجية الأميركي “ترسل رسالة قوية لبقية الدول التي تتابع ملف السلام في السودان، وتلك التي تساعد الميليشيا إما بتزويدها بالسلاح أو السماح لها باستخدام أراضيها وحدودها لإدخال السلاح والمرتزقة”.
وأعرب تطلعه بأن تكون تصريحات روبيو “بداية حقيقية” لمعاملة قوات الدعم السريع بما تستحق من محاسبة، وذكر أن “حكومة السودان منفتحة للتواصل مع المجتمع الدولي لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار؛ ولكن بما يتسق وطموحات الشعب السوداني صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في مشوار تحقيق الأمن والسلام في السودان”.

