
يشهد لبنان منذ بداية شهر آب موجة حرّ شديدة وغير مسبوقة، وصلت فيها درجات الحرارة إلى مستويات قياسية تخطّت في بعض المناطق 42 درجة مئوية، وسط تحذيرات من تأثيرات صحية وبيئية خطيرة، خصوصًا في ظل انقطاع الكهرباء وشحّ الموارد.
ويُرجع الخبراء هذا الارتفاع إلى موجة حرارية قارية مصدرها شبه الجزيرة العربية، مدعومة بتيارات هوائية جافة، ما ضاعف الإحساس بالحرارة، ورفع منسوب القلق لدى المواطنين.
فالموجة لا تُعدّ مجرّد ظاهرة موسمية، بل باتت تعبّر عن مسار تغيّر مناخي تتسارع وتيرته في المنطقة، ويهدّد بمزيد من التحديات في السنوات المقبلة.
وزارة الصحة اللبنانية أصدرت سلسلة من الإرشادات الوقائية، محذّرة من مخاطر ضربات الشمس والإجهاد الحراري، خاصة لدى كبار السن والأطفال والعمال في القطاعات المكشوفة. وشدّدت على ضرورة تجنّب التعرض لأشعة الشمس في ساعات الذروة، والإكثار من شرب المياه، وارتداء ملابس قطنية وخفيفة، بالإضافة إلى استخدام واقيات الشمس.
في المناطق الجبلية، ازداد خطر اندلاع الحرائق نتيجة الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة. وقد سجّلت مديرية الدفاع المدني عدداً من الحرائق في الأحراج والأراضي الزراعية، وسط مناشدات بضرورة الامتناع عن إشعال النيران، خصوصًا في نهاية الأسبوع والعطل.
الأزمة تتفاقم في ظل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، الذي يحرم كثيرين من وسائل التبريد الأساسية، لا سيما في المناطق الفقيرة والمكتظة. كذلك، يؤثر انقطاع المياه في بعض المناطق على النظافة الشخصية وترطيب الجسم، ما يضاعف من المخاطر الصحية.
وفي هذا السياق دعت البلديات والمجتمع المدني إلى تعزيز مبادرات التوعية وتوفير مياه الشرب في الأماكن التي تزداد فيها الهشاشة الصحية والاجتماعية.
الموجة الحالية، وإن كانت مؤقتة، إلا أنها تطرح تساؤلات جدّية حول مدى استعداد لبنان لمواجهة التغيرات المناخية المتطرفة، في ظل هشاشة البنية التحتية وغياب الخطط البيئية طويلة الأمد. فالتكيّف مع الحرّ لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحّة لحماية الإنسان والطبيعة في آنٍ معًا.