قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء الثلاثاء، إن المملكة مستعدة لإجراء «حوار صريح ومسؤول» مع الجزائر بشأن مختلف القضايا العالقة بين البلدين، مشيراً إلى أن مبادرة الحكم الذاتي هي «حل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية».
وأضاف ملك المغرب في خطاب بمناسبة عيد العرش: «حريصون على إقامة علاقات طيبة مع الشعب الجزائري، ونؤكد حرصنا على إيجاد حل توافقي في نزاع الصحراء، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف»، مبرزاً أن «التزامنا الراسخ باليد الممدودة لأشقائنا في الجزائر نابع من إيماننا بوحدة شعوبنا، وقدرتنا سوياً على تجاوز هذا الوضع المؤسف».
في سياق ذلك، أكد الملك محمد السادس تمسك بلاده بالاتحاد المغاربي، وقال بهذا الخصوص إن الاتحاد المغاربي «لن يكون من دون انخراط المغرب والجزائر مع باقي الدول الشقيقة».
وسبق للملك محمد السادس أن دعا الجزائر للحوار منذ 2018 لتجاوز التوتر القائم منذ عقود بسبب النزاع حول الصحراء. وجدّد هذه الدعوة بعد قرار الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في 2021، دون أن تلقى استجابة حتى الآن.
وبالموازاة، أكّد العاهل المغربي اعتزازه «بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي على أنها حل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية».
كما أعرب عن شكره لكل من المملكة المتحدة والبرتغال، اللتين أعلنتا مؤخراً تأييد المقترح المغربي لحل النزاع، لتحذوا بذلك حذو دول غربية عدة، وفي طليعتها الولايات المتحدة في 2020 وفرنسا في 2024. من جهة ثانية، دعا عاهل المغرب إلى غطاء تنمية يشمل جميع المناطق بالتساوي، وحث الحكومة على «اعتماد جيل جديد» من الإصلاحات لضمان تساوي جميع مناطق البلاد في نيل الحظوظ من التنمية.
وقال بهذا الخصوص: «لا مكان اليوم ولا غداً لمغرب يسير بسرعتين». وأضاف الملك موضحاً: «لا تزال هناك بعض المناطق، لا سيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية»، مشيراً إلى أن الإصلاحات الجديدة يجب أن تهدف إلى «تقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية، خاصة في مجالي التربية والتعليم، والرعاية الصحية… واعتماد تدبیر استباقي ومستدام للموارد المائية… وإطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمج».
واستدرك العاهل المغربي مخاطباً الشعب المغربي: «تعرف جيداً أنني لن أكون راضياً، مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم بشكل ملموس في تحسين ظروف عيش المواطنين من كل الفئات الاجتماعية، وفي جميع المناطق والجهات. لذا، ما فتئنا نولي أهمية خاصة للنهوض بالتنمية البشرية، وتعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم المباشر للأسر التي تستحقه».
وفي هذا السياق، لفت الملك محمد السادس إلى أن نتائج الإحصاء العام للسكان 2024 أبانت عن مجموعة من التحولات الديموغرافية والاجتماعية والمجالية التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في إعداد وتنفيذ السياسات العمومية، وأنه على سبيل المثال، تم تسجيل تراجع كبير في مستوى الفقر متعدد الأبعاد، على الصعيد الوطني، من 11.9 في المائة سنة 2014 إلى 6.8 سنة 2024، كما تجاوز المغرب، هذه السنة، عتبة مؤشر التنمية البشرية الذي يضعه في فئة الدول ذات التنمية البشرية العالية».