تمكّن فريق دولي بقيادة جامعة كمبردج البريطانية من رصد كوكب غازيّ عملاق يتراوح حجمه بين 3 و10 أضعاف حجم كوكب المشتري.
وأوضح الباحثون أنّ هذا الكوكب كان مختبئاً وسط قرص من الغاز والغبار والضباب يحيط بنجم شاب يُعرف باسم«MP Mus»؛ وقد نُشرت النتائج في مجلة «نيتشر لعلم الفلك».
ويُعد النجم «MP Mus» من النجوم التي لا تزال في مرحلة التكوّن، ولم تصل بعد إلى مرحلة الاستقرار بكونه نجماً شبيهاً بالشمس، ويحيط به قرص كوكبي أوّلي مكوّن من الغاز والغبار، مما يجعله هدفاً مهمّاً لدراسة كيفية تشكُّل الكواكب حول النجوم حديثة الولادة. كما أنه قريب نسبياً من الأرض مقارنةً بنجوم أخرى مشابهة، مما يتيح لعلماء الفلك مراقبته بتفاصيل دقيقة.
ولرصده، استخدم الباحثون مصفوفة مرصد «أتاكاما» الملليمترية وتحت الملليمترية الكبيرة، المعروفة اختصاراً بـ«ألما»، وهي واحدة من أكثر المراصد الفلكية تطوّراً في العالم.
تتألّف هذه المصفوفة من 66 مقراباً راديوياً بأقطار تتراوح بين 7 و12 متراً، وتقع في صحراء أتاكاما شمال تشيلي. وتعمل المراصد معاً بكونها وحدة واحدة لالتقاط إشارات الراديو عند أطوال موجية ملليمترية وتحت الملليمترية، وتُستخدم هذه الأطوال لدراسة الأجسام الباردة في الكون، مثل الغبار والغاز في المناطق التي تتشكّل فيها النجوم والكواكب.
وفي الرصد الأول باستخدام مرصد «ألما»، بدا القرص المحيط بالنجم مسطَّحاً وخالياً تماماً من أيّ علامات على وجود كواكب، مما أوحى بأنه نجم وحيد مُحاط بسحابة غازية ملساء من دون ملامح.
لكنَّ الفريق قرَّر إعادة فحص النجم مستخدمين «ألما» بأطوال موجية أطول (3 ملليمترات)، مما سمح لهم بالنفاذ أعمق إلى داخل القرص. وهذه المرةّ، كشفت الملاحظات عن تجويف قريب من النجم، بالإضافة إلى حلقة وفجوتين أبعد، كانت مخفيّة في الرصد الأول.
في الوقت عينه، كان الباحث ميغيل فيوك من المرصد الأوروبي الجنوبي يُحلّل بيانات مرصد «غايا» التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، ليكتشف أن النجم «MP Mus» يُظهر تذبذباً في حركته. في البداية، ظنّ فيوك أنّ ثمة خطأ في الحسابات، لكن مع إعلان فريق جامعة كمبردج وجود فجوة جديدة في القرص، تأكد أنّ هذا التذبذب حقيقي وغالباً ما ينجم عن وجود كوكب ضخم يؤثّر بجاذبيته في النجم.
وبعد دمج نتائج مرصدَي «ألما» و«غايا» مع نماذج حاسوبية، خلص الباحثون إلى أنَّ هذا التذبذب ناجم عن كوكب غازي عملاق تُقدَّر كتلته بنحو 10 أضعاف كتلة المشتري، ويدور على مسافة تتراوح بين مرّة إلى 3 مرات من المسافة بين الأرض والشمس.
ووفق الفريق، يُعدّ هذا أول اكتشاف لكوكب خارجي مُختبئ داخل قرص كوكبي أولي يجري التوصّل إليه بهذه الطريقة غير المباشرة، من خلال الجمع بين بيانات حركة النجم الدقيقة من «غايا» والملاحظات العميقة للقرص بواسطة مرصد «ألما».