قال مسؤولون في السلفادور، لأول مرة، إن أكثر من 130 مهاجراً فنزويلياً، محتجزين منذ عدة أشهر في سجن ضخم داخل البلاد، ما زالوا تحت مسؤولية الولايات المتحدة، وفق وثيقة قُدمت إلى محكمة أميركية.
وجاء هذا الإقرار ضمن مذكرة قانونية قدمها محامو المهاجرين إلى المحكمة المحلية في مقاطعة كولومبيا، الاثنين.
ويمثل ذلك تناقضاً كبيراً مع مزاعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة بأنها لا تملك الصلاحية لإعادة المهاجرين، بدعوى أنهم لم يعودوا محتجزين لدى الولايات المتحدة، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، الثلاثاء.
المهاجرن المحتجزون في السلفادور
وقال المحامون إن الوثيقة القضائية تضمنت رد حكومة السلفادور على استفسار قدمته الأمم المتحدة نيابةً عن 4 عائلات، أكدت أن أحد أقاربها اختفى قسراً بعدما أقدمت إدارة ترمب، في منتصف مارس الماضي، على ترحيله سراً من مراكز احتجاز المهاجرين في الولايات المتحدة إلى “مركز احتجاز الإرهابيين” المعروف باسم “سيكوت” (CECOT).
ورغم أن إدارة ترمب دفعت 6 ملايين دولار لحكومة السلفادور مقابل احتجاز هؤلاء المهاجرين لمدة عام، فإنها لم تنشر حتى الآن قائمة بأسماء الأشخاص الذين نُقلوا إلى السجن في ذلك البلد.
وفي المذكرة المقدمة إلى القاضي الفيدرالي جيمس إي. بواسبرج، ألقت الحكومة السلفادورية المسؤولية عن أقارب العائلات الأربع، وغيرهم من المهاجرين المحتجزين لديها، على إدارة ترمب.
وقالت السلطات السلفادورية، بحسب ما ورد في الوثيقة: “الاختصاص والمسؤولية القانونية عن هؤلاء الأشخاص تقع حصراً على عاتق السلطات الأجنبية المختصة”.
وقال لي جيليرنت، المحامي في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية والمستشار القانوني الرئيسي في القضية: “السلفادور قالت بصوت عالٍ ما كان الجميع يعرفه: الولايات المتحدة هي المسؤولة عن الفنزويليين الذين رُحِّلوا بمنتصف الليل في مارس الماضي”.
وقالت “واشنطن بوست” إن وزارتي الأمن الداخلي والخارجية الأميركيتين لم تردا على طلبات التعليق.
قانون “الأعداء الأجانب”
وتركز القضية القانونية على لجوء إدارة ترمب إلى قانون “الأعداء الأجانب”، وهو قانون يعود إلى قرون مضت (صدر في عام 1798)، ويُتيح للحكومة الالتفاف على إجراءات التقاضي المعتادة ضد المواطنين غير الأميركيين الذين تعتبرهم تهديداً للأمن القومي وترحيلهم خارج البلاد.
وقد استُخدم هذا القانون في السابق حصراً خلال أوقات الحرب. وتزعم إدارة ترمب أن المهاجرين الذين جرى ترحيلهم بموجب هذا التشريع ينتمون إلى عصابة “ترين دي أراجوا” (Tren de Aragua) الفنزويلية، وادعت أن هذه العصابة تنفذ “غزواً” داخل الولايات المتحدة بتوجيه من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، غير أن وكالات الاستخبارات الأميركية خلصت إلى أن مادورو لا يوجه هذه العصابة، ولا يقود أنشطتها، بحسب الصحيفة.
وجاء في المذكرة القضائية أن الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، بالشراكة مع مؤسسة Democracy Forward، اتهم إدارة ترمب بأنها كانت على علم بتصريحات الحكومة السلفادورية الموجهة إلى الأمم المتحدة، لكنها اختارت عدم إطلاع المحكمة عليها، مستندين إلى أن الردود السلفادورية، المؤرخة في أبريل، كانت موجهة أيضاً إلى مسؤولين أميركيين.
“إدارة ترمب لم تكن صادقة”
وقالت سكاي بيريمن، الرئيسة التنفيذية ورئيسة مؤسسة Democracy Forward: “الوثائق التي قُدمت إلى المحكمة اليوم تُظهر أن الإدارة لم تكن صادقة لا مع المحكمة ولا مع الشعب الأميركي”.
وأوقفت محاكم فدرالية في عدة ولايات، بشكل مؤقت، عمليات الترحيل التي تتم ضمن نطاق سلطتها القضائية بموجب قانون “الأعداء الأجانب”.
وفي الأسبوع الماضي، استمعت محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الخامسة إلى مرافعات في القضية، وبدت مستعدة لدعم سلطة إدارة ترمب في استخدام هذا القانون، مما قد يمهد الطريق لإعادة القضية إلى المحكمة العليا الأميركية.
وقضت المحكمة العليا في البلاد، في وقت سابق، بضرورة منح المهاجرين الخاضعين للترحيل بموجب قانون “الأعداء الأجانب” وقتاً كافياً للطعن قانونياً في قرار ترحيلهم، لكنها لم تُصدر حكماً بشأن مدى قانونية لجوء ترمب إلى هذا القانون.
وفي الأسبوع الماضي، قال القاضي الفيدرالي راندولف دي. موس إن الإعلان الذي أصدره ترمب في 20 يناير، والذي أعلن فيه وجود “غزو” على الحدود، لا يمكن استخدامه لمنع المهاجرين من تقديم طلبات لجوء.
وأعادت إدارة ترمب مهاجراً واحداً من الذين أُرسلوا إلى سجن السلفادور، وهو كيلمار أبريجو جارسيا، المواطن السلفادوري الذي تم ترحيله رغم وجود أمر قضائي يمنع ذلك.
ووصف مسؤولون في الإدارة عملية الترحيل بأنها “خطأ إداري”، لكنهم قالوا في البداية إنهم غير قادرين على إعادته. وأُعيد جارسيا إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي، ووجّهت إليه تهمة تهريب البشر، لكنه أنكر التهمة.