
كتبت د. دانة العنزي في صحيفة الراي.
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بين إيران وإسرائيل، يعيش الشرق الأوسط مرحلة من القلق الجيوسياسي العميق، يحمل في طياته احتمالات مفتوحة على جميع السيناريوهات، بما في ذلك تلك التي قد تمتد آثارها إلى الخليج العربي ولكن في هذا المشهد الملبد بالغيوم تبرز مسؤولية الدول الخليجية، فكالعادة صاحبة الموقف المتوازن صوت الود والدبلوماسية في زمن التوتر. الكويت تقوم بانتهاج سياسة التهدئة والحكمة، والتمسك بمبادئ الحياد الإيجابي والدبلوماسية الفعّالة.
لسنا طرفاً في هذا الصراع، ولسنا معنيين بالدخول في لعبة المحاور، فإن أولويتنا -كدول تسعى إلى التنمية والاستقرار- هي الحفاظ على أمن شعوبنا وسلامة أوطاننا، ولقد أثبت التاريخ أن الانجرار خلف الصراعات الكبرى لا يخدم إلا من يشعلها، أما الشعوب فهي وحدها من يدفع الثمن.
الحبيبة الكويت التي طالما تميزت بدبلوماسيتها المتوازنة وسياستها الخارجية التي تقوم على الحوار والاحترام المتبادل، يمكن أن تلعب دوراً ناعماً في الدعوة إلى ضبط النفس، وتغليب صوت العقل على قرع طبول الحرب، فالمنطقة لا تحتمل مزيداً من التوتر والإنسان العربي من الخليج إلى فلسطين يستحق مستقبلاً أفضل من الذي تُعدّه له الصواريخ والطائرات المسيّرة.
إن الكويت لا تغفل عن حقائق الجغرافيا السياسية، لكنها في الوقت ذاته، تدرك أن الاستقرار الحقيقي لا يُبنى على التصعيد، بل على الجسور المفتوحة، والمصالح المشتركة، والشعور بالمسؤولية الجماعية.
الكويت قيادةً وشعباً، لطالما أكدت أن الحروب لا تصنع حلولاً، وأن الأمن الحقيقي ينبع من العدالة، والتفاهم، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
الكويت ستبقى -كما عهدها الجميع- دولة وُدّ وسلام، تحرص على أن تعلو لغة الحوار على أصوات الطائرات، وأن يبقى الخليج آمناً والشرق الأوسط لأبنائه لا رهينة لصراعات الآخرين.
دعوتنا اليوم، باسم الضمير العربي، وباسم مصلحة شعوبنا، أن يتوقف التصعيد، وأن تُمنح الدبلوماسية فرصة قبل أن تُغلق أبوابها تماماً، لا نملك ترف الصمت لكننا نملك حكمة الكلمات الهادئة التي توقف النزيف قبل أن يتحول إلى طوفان.