
حسين زلغوط, خاص – “رأي سياسي”:

مع بداية الحرب بين إيران وإسرائيل، طُرح سؤال حول ما يمكن أن تلعبه باكستان من دور في هذه الحرب التي تدور رحاها على حدودها. ورغم أن باكستان لم تشارك إلى الآن مباشرة في هذا النزاع، إلا أن عدة عوامل تؤثر على كيفية تموضعها، سواء في إطار سياساتها الإقليمية أو علاقاتها الدولية.
صحيح أن باكستان تتبنى سياسة الحياد بشكل عام في النزاعات الإقليمية، غير أن علاقتها مع إيران هي علاقة استراتيجية معقدة، فإيران وباكستان تشتركان في حدود طويلة، وهما جاران مهمان في جنوب آسيا والشرق الأوسط. تاريخيًا، كان هناك تعاون بين البلدين في مجالات عديدة، من الأمن إلى التجارة، بل وحتى في بعض القضايا السياسية، وتحتفظ إسلام أباد بعلاقات جيدة مع طهران، إذ تمثل إيران في العديد من الملفات الإقليمية حليفًا مفيدًا لها، وهي تفضّل الحفاظ على استقرار إيران بسبب المخاوف المشتركة حول القضايا الأمنية في المنطقة، بما في ذلك التهديدات من الجماعات المتطرفة التي قد تؤثر على البلدين.
من جانب آخر، لا تقيم باكستان علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، بل تحافظ على سياسة دعم القضية الفلسطينية وتدين الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. لذلك، من المرجّح أن تنحاز باكستان إلى الجانب الإيراني في هذه الحرب، انطلاقًا من موقفها الثابت في دعم قضايا العالم الإسلامي، إلى جانب أن باكستان تمتلك قدرات عسكرية نووية يمكن أن تساهم في توازن القوى الإقليمي.
انطلاقًا من ذلك، يظهر أن هناك اهتمامًا دوليًا كبيرًا بشأن كيفية تعامل باكستان مع هذه الحرب، سواء من حيث حماية أمنها القومي أو في إطار التنسيق مع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا، اللتين قد تلعبان دورًا في تحديد المسار النهائي للنزاع.
وما يعزّز الاعتقاد بأن باكستان قد تشارك مباشرة إلى جانب إيران في الحرب، هو أن الغالبية العظمى من الباكستانيين ينحازون بشكل طبيعي إلى جانب إيران بسبب الروابط الدينية والثقافية والسياسية. هذا الموقف يمكن أن يزيد من الضغط على الحكومة الباكستانية في حال تزايدت التوترات في المنطقة، وقد تجد الحكومة الباكستانية نفسها أمام تحدّيات كبيرة في موازنة علاقاتها مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، وبين موقفها الشعبي والديني الذي قد يدفعها إلى الانحياز إلى إيران.
في مقابل هذا السيناريو، هناك من يعتقد أن باكستان ستختار أن تظل محايدة، لكنها قد تدعم إيران بشكل غير مباشر عبر توفير الدعم اللوجستي أو من خلال التدخل الدبلوماسي، لكن إذا تصاعد الصراع بشكل حاد وكان تهديدًا مباشرًا لأمن إيران، قد تقدم باكستان دعمًا عسكريًا أو لوجستيًا، سواء عبر السماح باستخدام أراضيها أو توفير الدعم الاستخباراتي. وهذا إن حصل قد يؤثر على علاقاتها مع العديد من الدول. فعلى سبيل المثال، قد تزداد الضغوط عليها من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لممارسة دور محايد أو حتى للضغط على إيران. في المقابل، قد تسعى روسيا والصين إلى دعم مواقف باكستان إذا كانت تسهم في توازن القوى الإقليمي.
انطلاقًا مما تقدّم، فإن دور باكستان في الحرب بين إيران وإسرائيل هو بالغ الأهمية ويتأثر بالعديد من العوامل الإقليمية والدولية، وبينما قد تكون باكستان في موقف صعب، إلا أن حساباتها السياسية والعسكرية ستظل في صلب اتخاذ القرارات الاستراتيجية.