أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب وقع، الجمعة، 3 أوامر تنفيذية لتعزيز الهيمنة الأميركية في تكنولوجيا الطائرات المسيّرة، وإحياء الطيران التجاري الأسرع من الصوت.
وأضاف أن الأمر التنفيذي الأول يتيح تشغيل الطائرات المسيّرة خارج نطاق الرؤية المباشرة بشكل روتيني، ويُعزز أمن المجال الجوي من خلال مواجهة التهديدات المرتبطة بالطائرات المسيّرة، ويشجّع استخدام النظم المصنّعة داخل الولايات المتحدة.
فيما يركز الأمر التنفيذي الثاني على مكافحة التهديدات الناتجة عن الطائرات المسيّرة، ويتضمن إنشاء فريق عمل فيدرالي وتوسيع قدرات الدفاع المضاد للطائرات المسيّرة، بحسب البيت الأبيض.
ويُلغي الأمر التنفيذي الثالث اللوائح القديمة التي كبّلت صناعة الطيران التجاري الأسرع من الصوت، ويوجّه إدارة الطيران الفيدرالية بوضع معايير حديثة لاعتماد مستوى الضوضاء للطائرات الأسرع من الصوت، إلى جانب تنسيق الأبحاث والابتكارات في هذا المجال بالتعاون مع مكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا.
وأكد مايكل كراتسيوس، مساعد الرئيس ومدير مكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا، في اتصال مع الصحافيين حضرته “الشرق”، أن الأوامر التنفيذية الـ3 ستُسرّع من وتيرة الابتكار الأميركي في مجالات الطائرات المسيّرة، والطائرات الأسرع من الصوت، مشيراً إلى أن هذه الخطوة “ستُحدد ملامح مستقبل الأجواء الأميركية لسنوات قادمة”.
وفي ما يتعلق بالطيران الأسرع من الصوت، أوضح كراتسيوس أن الولايات المتحدة كانت سابقاً رائدة في هذا المجال، لكن التقدّم توقف لعقود بسبب لوائح تنظيمية مقيّدة.
وأشار إلى أن الواقع قد تغير اليوم بفضل التقدّم في هندسة الطيران، وعلوم المواد، وتقنيات خفض الضوضاء، ما يجعل الطيران التجاري بسرعات تفوق سرعة الصوت ليس فقط ممكناً، بل آمناً، ومستداماً، ومجدياً من الناحية التجارية.
وبحسب كراتسيوس ، فإن هذا الأمر التنفيذي الثالث يُلغي القيود التنظيمية القديمة التي كانت تعرقل تطوّر هذا القطاع، ويوجّه إدارة الطيران الفيدرالية بوضع معيار جديد لشهادات الضوضاء الخاصة بالطائرات الأسرع من الصوت، أي تحديد مستوى الضوضاء المسموح به لهذه الطائرات كشرط أساسي لترخيصها وتشغيلها تجارياً.
وتابع: “كما يُعزّز التنسيق البحثي عبر مكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا، ويوجّه الوكالات الفيدرالية للعمل على مواءمة التنظيمات العالمية عبر الاتفاقيات الثنائية لتسهيل تشغيل هذا النوع من الرحلات دولياً”.
180 يوماً لرفع القيود
وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض خلال اتصال مع الصحافيين، حضرته “الشرق”، إن “السوق موجودة، والتكنولوجيا أصبحت جاهزة، والشركات الأميركية بدأت فعلياً بتوقيع عقود حكومية واتفاقيات مع شركات طيران كبرى لشراء طائرات أسرع من الصوت”، مؤكداً أن هذه الخطوة تعكس التزام الرئيس ترمب بضمان تفوّق الولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا الناشئة.
وأوضح المسؤول أن “الأمر التنفيذي يوجّه مدير إدارة الطيران الفيدراليةباتخاذ الخطوات اللازمة، بما في ذلك من خلال إصدار لوائح تنظيمية، لإلغاء الحظر المفروض على الرحلات التجارية الأسرع من الصوت، وهو منصوص عليه حالياً في لوائح قانونية ضمن مدونة اللوائح الفيدرالية، وذلك خلال مهلة لا تتجاوز 180 يوماً”.
وأضاف أن “الهدف من ذلك هو استبدال معيار السرعة القصوى المعمول به حالياً بمعيار مؤقت يتعلق بمستوى الضوضاء، إلى حين إتمام عملية تنظيمية أطول تُفضي إلى إصدار قاعدة نهائية، وذلك عبر إشعار رسمي ببدء وضع القاعدة”.
واعتبر المسؤول أن هذا المسار التنظيمي سيعتمد على نتائج البحث والتطوير والاختبارات والتقييم، وسيتم تنسيقه من خلال البيت الأبيض، عبر المجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا، بمشاركة العديد من برامج البحث والتطوير الجارية حالياً ضمن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، ووزارة الدفاع، وجهات فيدرالية أخرى.
هيمنة الطائرات المسيرة
وبالإضافة إلى ملف الطيران الأسرع من الصوت، تشمل الأوامر التنفيذية الأخرى ملفات الطائرات المسيّرة والسيارات الطائرة، إذ تهدف إلى تسريع العمليات التجارية للطائرات المسيّرة التي تعمل خارج نطاق الرؤية المباشرة، والبدء باختبارات السيارات الطائرة، وتعزيز تصدير الطائرات المسيّرة المصنّعة في الولايات المتحدة، وتوطين سلسلة التوريد الخاصة بها لتقليل الاعتماد على الأنظمة الأجنبية.
وأشار كراتسيوس إلى أن الأمر التنفيذي المتعلق بالطائرات المسيّرة “سيسمح باستخدامها في قطاعات حيوية مثل البنى التحتية (خطوط الكهرباء والسكك الحديدية)، والاستجابة للطوارئ (مثل رصد حرائق الغابات)، ونقل البضائع والمستلزمات الطبية لمسافات طويلة”.
وتشمل الإجراءات أيضاً إطلاق برنامج تجريبي لتطوير واختبار السيارات الطائرة في الولايات المتحدة هذا العام، وهو ما وصفه كراتسيوس بأنه “ليس خيالاً من مسلسل الكارتون جيتسونز، بل مستقبل قريب للشعب الأميركي”.
وقال سيباستيان جوركا، نائب مساعد الرئيس ومدير مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن القومي الأميركي، إن الرئيس ترمب أمر بتشكيل فريق عمل فيدرالي لتحديث الأطر التنظيمية والتقنية الخاصة بالطائرات المسيّرة، والتصدي للتهديدات الإرهابية والإجرامية المرتبطة بها، خاصة مع اقتراب استضافة الولايات المتحدة لبطولات كبرى مثل كأس العالم لكرة القدم.
وأوضح جوركا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي سيُطلق برنامج تدريب للسلطات الأمنية على المستويات المحلية والولائية، بهدف تمكينها من التعامل مع التهديدات الجوية، كما سيتم تشديد تطبيق القوانين القائمة لمحاسبة المخالفين، سواء كانوا فاعلين متعمّدين أو غير مدركين لمخاطر استخدام الطائرات المسيّرة فوق مواقع حساسة.
وأضاف أن الأمر التنفيذي يفتح أيضاً المجال أمام الولايات والسلطات المحلية للحصول على منح فيدرالية لشراء طائرات مسيّرة أميركية الصنع لاستخدامها في خدمات الطوارئ، مؤكداً أن “الطائرات المسيّرة أنقذت أرواحاً في الولايات المتحدة، لكن إدارة أوباما منعت استخدام المنح لهذا الغرض، وهذا تغيّر اليوم”.
واختتم جوركا حديثه بالقول إن هذه الحزمة من الأوامر التنفيذية تعكس رؤية متكاملة للرئيس ترمب تقوم على تمكين الابتكار الأميركي، وتعزيز السيادة، وحماية الأمن القومي، مؤكداً أن “اليوم هو نقطة تحوّل، وكل شيء سيتغيّر نحو الأفضل”.