قال مسؤولون هنود، السبت، إن بلادهم ستواصل شراء النفط الروسي الرخيص، على الرغم من تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات، في أحدث تطور بقضية اعتقدت نيودلهي أنها قد حسمتها، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
وكان الرئيس ترمب قال، الأسبوع الماضي، إنه سيعاقب الهند إذا لم توقف شراء النفط الروسي، دون أن يوضح طبيعة العقوبة المحتملة.
وأشار، الجمعة، إلى تقارير أفادت بانخفاض وصول الشحنات الروسية إلى الهند، قائلاً للصحافيين: “أفهم أن الهند لم تعد تشتري النفط من روسيا.. هذا ما سمعته.. لا أعلم إن كان ذلك صحيحاً، لكنه خطوة جيدة.. سنرى ما سيحدث”.
وذكرت وكالة “رويترز”، في وقت سابق، أن مصافي التكرير الحكومية الهندية توقفت عن شراء النفط الروسي قبل أسبوع مع تقلص الخصومات في يوليو.
وهدد ترمب، في 14 يوليو، بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الدول التي تشتري النفط الروسي ما لم تتوصل موسكو إلى اتفاق سلام رئيسي مع أوكرانيا.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولين حكوميين بارزين اثنين في الهند قولهما إنه “لم يطرأ أي تغيير على السياسة النفطية”. وأوضح أحدهما أن الحكومة “لم تصدر أي توجيهات لشركات النفط بوقف أو تقليص وارداتها من روسيا”.
وخلال مؤتمر صحافي قبل ذلك بيوم، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، راندهير جايسوال، التعليق بشكل مباشر على تهديد ترمب، لكنه لمّح إلى تمسك بلاده بموقفها تجاه موسكو.
وقال: “علاقاتنا الثنائية مع مختلف الدول تقوم على أسسها الخاصة، ولا ينبغي النظر إليها من زاوية دولة ثالثة.. الهند وروسيا تربطهما شراكة مستقرة ومجربة على مر الزمن.”
ورقة تفاوضية لترمب
ولم يحدد ترمب العقوبة التي قد تواجهها الهند إذا خالفت دعوته لوقف استيراد النفط الروسي، فيما يرى مسؤولون ومحللون أن تركيز الرئيس الأميركي على هذا الملف ربما يكون “ورقة تفاوضية” في سياق المحادثات الجارية بين الهند والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق تجاري ثنائي في مراحله الأولى.
ويُلاحظ أن الصين وتركيا، وهما من كبار مستوردي النفط الروسي أيضاً، لم تتعرّضا لتهديدات مماثلة من واشنطن.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، ضاعفت الهند من وارداتها من النفط الروسي. وتُعدّ روسيا المورد الرئيسي للهند، وتزودها بنحو 35% من إجمالي إمداداتها بعد أن كانت نسبته أقل من 1% قبل الحرب. وتستورد نيودلهي أكثر من مليوني برميل نفط خام يومياً، لتصبح ثاني أكبر مشترٍ للنفط الروسي بعد الصين.
وتعرّضت الهند لضغوط كبيرة خلال الأشهر الأولى من الحرب الروسية في أوكرانيا لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع موسكو، واستمر هذا الضغط مع تزايد حجم الواردات النفطية.
لكن مع دخول الحرب عامها الثاني، بدأ الموقف الدولي تجاه واردات الهند من النفط يتغير تدريجياً. ويبدو أن نيودلهي نجحت في إقناع حلفائها الأميركيين والأوروبيين بأن مشترياتها الواسعة من النفط الروسي الرخيص، ضمن سقف سعري فرضه الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، تسهم فعليا في الحفاظ على استقرار أسعار الطاقة عالمياً.
وفي أوائل العام الماضي، صرّح مسؤولون كبار في وزارة الخزانة الأميركية، خلال زيارة إلى نيودلهي، بأن الهند تطبق آلية أثبتت فعاليتها، وهي استمرار تدفق النفط الروسي للأسواق العالمية، لكن بأسعار منخفضة تقلّص من عائدات موسكو.
وقال إريك جارسيتي الذي كان يشغل حينها منصب السفير الأميركي لدى الهند: “لقد اشتروا النفط الروسي لأننا أردنا أن يشتريه أحد ما بسقف سعري محدد، لم يكن ذلك خرقاً، بل كان جزءاً من تصميم السياسة، لأننا كنا نخشى من ارتفاع أسعار النفط، وقاموا بدورهم المطلوب”.