أوقفت قاضية أميركية، الخميس، نشر قوات الحرس الوطني في مدينة شيكاجو بولاية إلينوي، لمدة أسبوعين على الأقل، بعد أن تبين عدم وجود دليل موثوق على “خطر تمرد” يتشكل في إلينوي وسط حملة الرئيس دونالد ترمب على الهجرة.
ويعد القرار انتصاراً للمسؤولين الديمقراطيين الذين يقودون الولاية والمدينة، والذين تبادلوا انتقادات مع الرئيس ترمب بشأن سعيه لنشر قوات على الأرض في المناطق الحضرية الكبرى، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.
وقال حاكم ولاية إلينوي جي بي بريتزكر: ” المحكمة أكدت ما نعرفه جميعاً: لا يوجد دليل موثوق على وجود تمرد في ولاية إلينوي. ولا مكان للحرس الوطني في شوارع المدن الأميركية”.
وقالت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية أبريل بيري، إن الإدارة انتهكت التعديل العاشر لدستور الولايات المتحدة، الذي يمنح بعض الصلاحيات للولايات، والتعديل الرابع عشر، الذي يضمن الإجراءات القانونية الواجبة والحماية المتساوية.
وليس من الواضح ما الذي ستفعله قوات الحرس الوطني في الوقت الراهن، بما في ذلك عدد صغير من الجنود خارج مبنى وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية (ICE)في قرية برادفيو بمقاطعة كوك، إلينوي.
الحرس الوطني في إلينوي
وأشارت “أسوشيتد برس” إلى أن الدعوى القضائية رُفعت، الاثنين، بينما كان أعضاء الحرس الوطني من تكساس وإلينوي في طريقهم إلى مركز لقوات الاحتياط تابع للجيش الأميركي في قرية إلوود، جنوب غرب شيكاجو.
وهؤلاء الجنود وعددهم 500 يتبعون جميعاً القيادة الشمالية الأميركية، وتم استدعائهم لمدة 60 يوماً. وبعضهم نام في شاحنات صغيرة، ليل الأربعاء، خارج مبنى وكالة الهجرة في برادفيو، بالقرب من شيكاجو.
وعلى مدار أسابيع، شهد موقع وكالة الهجرة اشتباكات عرضية بين متظاهرين وعملاء فيدراليين.
والخميس، قال محامي وزارة العدل الأميركية إريك هاميلتون إن مهمة الحرس الوطني ستكون حماية الممتلكات الفيدرالية والمكلفين بإنفاذ القوانين الحكوميين في الميدان، وليس “حل جميع الجرائم في شيكاجو”.
ويقيد الدستور الأميركي استخدام الجيش في الشؤون الأمنية الداخلية، حمايةً للحريات المدنية ولسيادة الولايات، وتحتفظ حكومات الولايات بسلطة حفظ الأمن داخل حدودها، وهي صلاحية مكفولة لها بموجب قانون “بوسي كوميتاتوس” الصادر عام 1878، الذي يحظر بوجه عام استخدام القوات المسلحة كقوة شرطة داخلية.
ويحد قانون “بوسي كوميتاتوس” من دور الجيش في إنفاذ القوانين المحلية، لكن ترمب قال إنه سيكون على استعداد للاستعانة بقانون التمرد، الذي يسمح للرئيس بإرسال قوات عسكرية في الخدمة في الولايات التي لا تستطيع إخماد تمرد، أو تتحدى القانون الفيدرالي.
وقال هاملتون للقاضية: “تشهد شيكاجو شكلاً جديداً وقحاً من العداء من مثيري الشغب الذين يستهدفون قوات إنفاذ القانون الفيدرالية”.
إلا أن القاضية بيري لم تتأثر، وقالت في وقت لاحق: “لم أرَ أي أدلة قاطعة على وجود خطر تمرد في ولاية إلينوي”.
وقالت القاضية إن الأمر القضائي سينتهي في 23 أكتوبر في الساعة 11:59 مساءً، وحددت جلسة استماع في 22 أكتوبر عبر الهاتف لتحديد ما إذا كان ينبغي تمديد الأمر لمدة 14 يوماً أخرى.
وأشارت بيري إلى أن تصرفات وزارة الأمن الداخلي تعزى إلى حد كبير إلى “عداء ترمب تجاه المسؤولين المنتخبين في إلينوي”، معربة عن شكوكها في توصيف الحكومة الفيدرالية للاحتجاجات في برادفيو.
وأضافت بيري، التي عيّنها الرئيس السابق جو بايدن في منصبها، أن “رواية وزارة الأمن الداخلي للأحداث ببساطة لا يمكن الاعتماد عليها”.
ووصفت المدينة والولاية عمليات نشر قوات الحرس الوطني بأنها “غير ضرورية وغير قانونية”.
من جانبه، قال المدعي العام في ولاية إلينوي كوامي راؤول: “الرئيس لا يملك حرية التصرف المطلقة لتأليب الجيش الأميركي على مواطنيه، عندما يمارسون حقوقهم الدستورية”.
ترمب يدعو لسجن ديمقراطيين
وكان الرئيس ترمب صوّر شيكاجو على أنها “جحيم” للجريمة لا يطبق فيها القانون على الرغم من الإحصاءات التي تظهر انخفاضاً كبيراً في الجريمة.
ودعا ترمب، الأربعاء، إلى سجن حاكم إلينوي ورئيس بلدية شيكاجو، وكلاهما ديمقراطيين، في الوقت الذي كانت تستعد فيه إدارته لنشر قوات تابعة للحرس الوطني في شوارع ثالث أكبر مدينة في الولايات المتحدة.
ولم تُوجَّه أي اتهامات جنائية إلى براندون جونسون رئيس بلدية شيكاجو، ولا إلى حاكم ولاية إلينوي جيه.بي بريتزكر رغم بروزهما كمعارضين كبيرين لحملة ترمب ضد الهجرة، ولسياسات نشر الحرس الوطني في المدن ذات الميول الديمقراطية.
وتأتي دعوة ترمب لسجن مسؤولين منتخبين في وقت مثل فيه خصم سياسي بارز آخر، وهو المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) جيمس كومي، أمام المحكمة لمواجهة اتهامات جنائية، توصف على نطاق واسع بأنها تقوم على “أسس واهية”.
ووجه ترمب مراراً دعوات لسجن معارضيه منذ دخوله المعترك السياسي عام 2015، إلا أن كومي هو أول من يمثل للمحاكمة فعلياً.
ووقع جونسون، الاثنين، أمراً تنفيذياً بإنشاء “منطقة خالية من مسؤولي الهجرة والجمارك”، والتي تمنع ضباط الهجرة والجمارك الفيدراليين من استخدام ممتلكات المدينة في عملياتهم.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته “رويترز”، و”إبسوس” ونُشرت نتائجه، الأربعاء، أن غالبية الأميركيين يعارضون نشر قوات عسكرية في الداخل ما لم يكن هناك تهديد خارجي.