في تحول تاريخي لهوليوود، أكملت شركة Skydance Media بقيادة ديفيد إليسون، الخميس، استحواذها على Paramount Global في صفقة بلغت قيمتها 8 مليارات دولار، لتنطلق مرحلة جديدة لشركة عمرها أكثر من قرن.
هذه الخطوة تأتي بعد مفاوضات معقدة استمرت لأكثر من عام، تخللتها خلافات سياسية وقانونية، وأثارت جدلاً واسعاً حول مستقبل الاستوديو العريق.
وبحسب مجلة “فارايتي” الأميركية، كشفت الوثائق المودعة لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات أن ديفيد إليسون، الرئيس التنفيذي الجديد لباراماونت، وجيف شيل، رئيس الشركة، سيتقاضيان راتباً أساسيًا قدره 3.5 مليون دولار لكل منهما، مع مكافآت سنوية مستهدفة تبلغ 1.5 مليون دولار، وسيحصل إليسون أيضاً على خدمات أمن شخصي ممولة من الشركة.
أما كبير مسؤولي الاستراتيجية والعمليات، آندي جوردون، فحُدد راتبه الأساسي عند 2.8 مليون دولار مع مكافأة سنوية بقيمة 1.2 مليون دولار.
وفي المقابل، حصل الرؤساء التنفيذيون المشاركون السابقون لشركة باراماونت جلوبال — كريس مكارثي وبراين روبينز — على تعويضات خروج بلغت 18.3 مليون دولار و18.6 مليون دولار على التوالي، تضاف إلى رواتبهم لعام 2025. بينما سيبقى جورج شيكس، الرئيس التنفيذي المشارك السابق، في منصب رئيس قسم التلفزيون دون تعويضات خروج.
وبإتمام الصفقة، حصلت شركة National Amusements Inc. المملوكة لشاري ريدستون على 1.75 مليار دولار نقداً مقابل حصتها، لتغادر ريدستون مجلس إدارة باراماونت، وبدأت الشركة التداول في بورصة ناسداك، مع بقاء السيطرة الفعلية في يد عائلة إليسون.
خفض التكاليف والتوسع التكنولوجي
في مؤتمر صحفي بمقر الشركة في تايمز سكوير، عرض إليسون وجيري كاردينالي، المستثمر البارز الذي ضخ 1.8 مليار دولار في “باراماونت الجديدة”، ملامح استراتيجية المرحلة المقبلة، والتي ترتكز على: خفض التكاليف بسرعة، مع الإعلان عن خطوات تنفيذية بحلول نوفمبر.
دمج التكنولوجيا مع الإبداع، بما في ذلك خطط مستقبلية لتطوير “روبوت” يتيح للمشاهدين محادثة شخصياتهم المفضلة، والتوسع في قاعدة الجمهور الأميركي، مع التزام CBS News بتقديم تغطية تلبي مختلف التوجهات السياسية.
إبقاء كبار المبدعين في الشركة، عبر تجديد الصفقات الحصرية والحفاظ على الشراكات مع نجوم وصناع محتوى بارزين، وقال إليسون: “نحن شركات رواية قصص أولاً، لكن إذا لم تكن لديك التكنولوجيا المناسبة لدعم هذه القصص، فلن تنجح. نحن لا نهرب من التكنولوجيا، بل نتجه نحوها”.
الرهان على الأسماء الكبيرة
على صعيد السينما، يركز النظام الجديد على الحفاظ على اتفاقيات النظرة الأولى مع منتجين مثل لورينزو دي بونافينتورا (Transformers) ونيل هـ. موريتز (Sonic the Hedgehog)، كما يسعى لإرضاء مخرجين كبار مثل جون كراسينسكي (A Quiet Place Part III) وباركر فين (Smile).
النجم رايان رينولدز وكينيا باريس (Black-ish) على رأس قائمة المواهب التي ترغب الشركة في استثمارها، بينما يظل المخرج الحائز على الأوسكار داميان شازيل ضمن دائرة الاهتمام رغم خسارة فيلمه Babylon.
في التلفزيون، يواصل تايلور شيريدان إنتاجه الغزير عبر Paramount TV Studios، مع توسع عالم Yellowstone في أعمال فرعية جديدة، بجانب نجاحات Mayor of Kingstown، Tulsa King، وLandman.
كما عززت الشركة وجودها في الكوميديا بصفقة قيمتها 1.5 مليار دولار لتمديد South Park خمس سنوات إضافية، مع إتاحة مكتبته على Paramount+. وفي عالم الدراما، يواصل روبرت وميشيل كينج النجاح بمسلسل Elsbeth، بينما يدير أليكس كورتزمان توسع Star Trek بمسلسلات Strange New Worlds وStarfleet Academy.
جدل صفقة ترمب
أحد أكثر الملفات إثارة للجدل تزامناً مع إغلاق الصفقة كان مزاعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وجود اتفاق جانبي مع سكاي دانس لمنحه 20 مليون دولار في صورة إعلانات وخدمات إعلامية، إضافة إلى 16 مليون دولار حصل عليها من باراماونت لتسوية دعوى ضد برنامج “60 Minutes”.
إليسون نفى، في تصريحات لوسائئل إعلام أميركية، تورط شركته في التسوية، مؤكدًا الالتزام بجميع القوانين، لكن رسائل متبادلة بين الشركة وأعضاء في مجلس الشيوخ — بينهم إليزابيث وارن وبيرني ساندرز — لم تنفِ صراحة وجود الاتفاق الجانبي، ما دفع وارن للمطالبة بتحقيق مستقل.
كما طُرحت أسئلة حول توقيت إلغاء برنامج The Late Show with Stephen Colbert بعد ثلاثة أيام من وصف كولبير للتسوية بأنها “رشوة كبيرة”، لكن باراماونت أكدت أن القرار كان ماليًا بحتًا.
من زوكور إلى العصر الرقمي
وتعود جذور باراماونت إلى رؤية مؤسسها أدولف زوكور في أوائل القرن العشرين، حين أسس “نظام باراماونت” الذي جمع علامات أفلام مرموقة تحت إدارة موحدة، معتمداً على قوة النجوم كعامل جذب للجمهور.
في الثلاثينيات، أنقذت شراكته مع ماي ويست الشركة من الإفلاس خلال الكساد الكبير. وفي السبعينيات، عاشت باراماونت عصرها الذهبي مع المدير روبرت إيفانز وأفلام خالدة مثل The Godfather وChinatown.
وفي أواخر السبعينيات والثمانينيات، ابتكرت الشركة مفهوم “الفيلم ذو الفكرة البارزة” High Concept، لتصبح مرتبطة بأفلام تجارية ضخمة مثل Saturday Night Fever وIndiana Jones.
اليوم، ومع المنافسة الشرسة من عمالقة مثل نتفليكس وديزني وأمازون، تواجه باراماونت سكاي دانس تحدياً مزدوجاً: الحفاظ على إرث يمتد لأكثر من 100 عام، وابتكار مسارات جديدة للنمو في بيئة إعلامية تتغير بسرعة.