أفادت صحيفة “تليجراف” البريطانية، الجمعة، بأن وزير الحرب الأميركي بيت هيجسيث استبعد وزير الجيش، دان دريسكول، من محادثات السلام الرامية إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد اعتبار دريسكول أنه “تجاوز حدود صلاحياته خلال المفاوضات”.
وقالت مصادر للصحيفة إن دريسكول، الذي يُنظر إليه على أنه أحد الأسماء الصاعدة في وزارة الحرب الأميركية، جرى “كبحه” من قبل هيجسيث، وسط أجواء “تتسم بالريبة والتوتر”.
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أنه كان من المتوقع أن يحلّ هيجسيث محل دريسكول في جولة محادثات، إلا أن ذلك لم يحدث في نهاية المطاف، فيما أشار مصدر مطلع على الخلاف، أن دريسكول “كان يُنظر إليه على أنه يبالغ في فرض حضوره، فتم توبيخه”.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الجيش، وهو جندي سابق وصديق مقرّب لنائب الرئيس جي دي فانس، نجح حتى وقت قريب في تجنّب إثارة الجدل داخل وزارة الحرب، كما حظي بتقدير متزايد من الأوروبيين، بسبب خبرته وما وُصف بـ”اتزانه”.
وفي نوفمبر الماضي، كلّف دريسكول بتقديم خطة السلام الأميركية، التي يأمل الرئيس دونالد ترمب أن تقود إلى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وبذلك أصبح أعلى مسؤول في إدارة ترمب يزور أوكرانيا، في مؤشر على تنامي نفوذه.
“نحن لا نتفاوض على التفاصيل”
وخلال تلك الزيارة، أوكل إلى وزير الجيش مهمة الحصول على موافقة زيلينسكي على خطة سلام، غير أن اللقاء انتهى من دون نتائج، وتحوّل إلى مواجهة حادة بعدما رفض الرئيس الأوكراني الخطة، التي كانت تقوم على موافقة كييف على التنازل عن أراضٍ لصالح روسيا.
ولفت دبلوماسيون أوروبيون مشاركون في المحادثات إلى أن دريسكول أبدى تشدداً في المفاوضات، ولم يُظهر استعداداً لتقديم تنازلات لدعم موقف كييف، وهو أسلوب تفاوضي قالت الصحيفة إنه ينسجم مع صورة ترمب عن نفسه بوصفه “صانع صفقات صارماً”.
ونُقل عن دريسكول قوله خلال أحد الاجتماعات في كييف: “نحن لا نتفاوض على التفاصيل”.
وكان من المقرر أن يعود دريسكول إلى كييف قبل أسبوعين لإجراء محادثات إضافية، لكنه لم يحضر، كما أُبلغ الأوكرانيون بأنه سيشارك في اجتماع في باريس بين زيلينسكيk والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأول من ديسمبر، قبل أن يُلغى حضوره في اللحظة الأخيرة.
وقال مسؤول أوكراني: “تفاجأت بعثتنا”، مرجحاً أن دريسكول “لم يُسمح له بالمجيء”.
صراع نفوذ
في المقابل، نفى البيت الأبيض أن يكون هيجسيث قد استبعد دريسكول من أي محادثات، فيما يرى مسؤولون أوكرانيون وأوروبيون أن غيابه يعكس “صراع نفوذ أوسع” داخل الإدارة الأميركية حول إدارة مفاوضات السلام.
وبحسب “تليجراف”، يُنظر إلى دريسكول على أنه جزء من تيار مناهض للتدخل العسكري ضمن حركة “ماجا” ويقوده فانس، في مقابل تيار آخر يتزعمه مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والذي من المقرر أن يشارك في اجتماع في باريس يضم مسؤولين أميركيين وأوروبيين وأوكرانيين.
في الوقت نفسه، يقود تيار ثالث يضم المبعوث الخاص ستيف ويتكوف وصهر ترمب جاريد كوشنر الجهود الرئيسية في محادثات السلام.
وقال مصدر مطلع إن “نبرة المفاوضات كانت تتبدّل بحسب الجهة التي تتولى قيادتها”.
وكانت الصحيفة كشفت، في وقت سابق، أن دريسكول كان يُعد من أبرز المرشحين لخلافة هيجسيث حال شغور المنصب. ووصفه مسؤول كبير سابق في البيت الأبيض بأنه “العنصر الأساسي” الذي ينسجم تماماً مع ما يبحث عنه ترمب، الذي يطلق عليه لقب “رجل الطائرات المسيّرة”، في إشارة إلى دعمه تحديث القدرات العسكرية الأميركية والابتعاد عن الأنظمة الدفاعية الثقيلة القديمة.

