تحدثت الممثلة الأميركية جريس فان باتن عن تجربتها في بطولة المسلسل القصير The Twisted Tale of Amanda Knox، من إنتاج منصة Hulu، والذي يبدأ عرضه عربياً في 20 أغسطس على منصة “ديزني بلس”، كاشفة عن كواليس التحضير والتصوير، وأبعاد القصة التي أثارت جدلاً عالمياً على مدى نحو عقدين، وذلك في مؤتمر صحفي افتراضي أدارته الصحافية الأميركية جينيل رايلي، وحضرته “الشرق”.
المسلسل مأخوذ عن قصة حقيقية، بطلتها أماندا نوكس وهي مواطنة أميركية وُلدت عام 1987، اشتهرت عالمياً عام 2007 بعدما وُجهت إليها تهمة قتل زميلتها في السكن، البريطانية ميريديث كيرتشر، أثناء دراستها في مدينة بيروجيا الإيطالية.
حوكمت نوكس وأُدينت ابتدائياً، قبل أن تُبرّأ ثم تعاد إدانتها في مراحل قضائية متعاقبة، وصولاً إلى إسقاط التهم نهائياً عام 2015 بعد معركة قانونية طويلة.
طوال هذه السنوات، كانت نوكس محور تغطية إعلامية مكثفة وحملات تشويه، ما جعل قضيتها رمزاً للجدل حول دور الإعلام في تشكيل الرأي العام والتأثير على مسار العدالة.
من جانبها قالت فان باتن إنها، مثل كثيرين، كانت تظن أنها تعرف تفاصيل قضية أماندا نوكس، لكن العمل على المسلسل غيّر ذلك تماماً: “كلما بحثت وقرأت وشاهدت، وبالأخص حين تحدثت مع أماندا، اكتشفت كم كنت أجهل، كان الأمر مدهشاً ومؤلماً في آن واحد”.
وأكدت أن أكثر ما جذبها للمشروع هو أنه يمنح نوكس فرصة لسرد قصتها بنفسها، مع إظهار التعاطف مع جميع الأطراف، حتى الادعاء: “المسلسل لا يبرّئ أو يدين، بل يوضح أن الجميع كانوا يظنون أنهم يفعلون الصواب، لكن القصة خرجت عن السيطرة، وكثير مما حدث لم يكن يجب أن يحدث”.
درس في التسامح
ورداً على سؤال “الشرق” حول كيفية اقترابها من تجسيد شخصية “امرأة صاغت وسائل الإعلام صورتها بشكل يتنافى مع حقيقتها”، وأوضحت الممثلة أن منهجها ارتكز على الاستماع مباشرة إلى أماندا نوكس، التي “سُردت قصتها بالنيابة عنها لسنوات”، معتبرة أن مهمتها كانت “إظهار مشاعرها الحقيقية، بعيداً عن الصور النمطية التي رسختها التغطية الصحافية وقتها”.
وحول ما إذا كانت بعض اللحظات الدرامية في العمل قد اصطدمت بالوقائع الحقيقية، فأكدت فان باتن أن الهدف لم يكن التلاعب بالحقائق، بل نقل الصدمة والآثار النفسية التي عاشتها نوكس بدقة، مضيفة: “أردت أن يرى الناس ما مرت به فعلاً، لا أن يكتفوا بالتخمين أو بما قرأوه سابقاً”.
وتحدثت بطلة المسلسل عن صدمتها من تحكّم الإعلام في السرديات، وكيف يمكن للعناوين المثيرة أن تطمس الحقائق: “من عاش مثل هذه التجربة ثم يمنح الثقة مجدداً لرواية قصته، شخص يتمتع بشجاعة نادرة”.
وأعربت عن قناعتها بأن قضايا مشابهة يمكن أن تتكرر اليوم، مع فارق أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تجعل النقاش أكثر استقطاباً وانتشاراً، بدلاً من الاكتفاء برواية واحدة تفرضها وسائل الإعلام التقليدية.
وأشادت فان باتن بقدرة نوكس على عدم إلقاء اللوم على أحد، قائلة: “تعلمت منها الإيجابية والأمل والقدرة على التسامح الغفران، وهي أشياء لا أتخيل امتلاكها في موقفها”.
ورأت أن حضور أماندا نوكس ومونيكا لوينسكي ضمن فريق العمل كمنتجتان تنفيذيتان أضفى بعداً إضافياً، “إذ مرّتا بتجارب علنية قاسية واغتيال معنوي، وتمكنتا من تجاوزه ومواصلة التعبير عن رأيهما”.
دعم عاطفي
وكشفت فان باتن أن التحضير للدور استغرق شهرين، ركزت فيهما على: لقاءات مطوّلة مع نوكس وطرح “مئات الأسئلة”.
قراءة كتابها الأول ومشاهدة كل مقابلة متاحة لها، تعلّم اللغة الإيطالية، لكون جزء كبير من القصة يدور في بيروجيا “لم أركز على تقليد أماندا شكلياً، بل على تجسيد مشاعرها لحظة بلحظة: من التحقيق والارتباك، إلى السجن، ثم التبرئة ومحاولة التكيف مع الحياة مجدداً”.
وروت فان باتن أن اللقاء الأول مع نوكس كان عبر “زووم”، وشعرت بالتوتر الشديد، لكن الأخيرة جعلتها تشعر بالأمان والراحة منذ اللحظة الأولى. أما اللقاء الأول وجهاً لوجه فكان في لوس أنجلِس، برفقة زوج نوكس وطفليها، حيث ركبوا معاً قارب “بجعة” في بحيرة إيكو بارك: “كنت أطرح الأسئلة وأنا ألهث من التجديف! لكنني حاولت الحصول على أكبر قدر من التفاصيل منها، وكانت منفتحة للغاية”.
واعترفت الممثلة بأنها لم تكتشف بعد طريقة مثالية للفصل بين الشخصية وحياتها الخاصة، لكنها تحرص خلال التصوير على العودة للمنزل، شرب الشاي، مشاهدة التلفاز، الطهي — الذي تعتبره علاجياً — والتواصل مع عائلتها للحفاظ على توازنها النفسي.
وأكدت فان باتن أن العمل كشف لها ثغرات خطيرة في التحقيق: “اكتشفت تلوث الأدلة وغياب الأدلة الحاسمة، ومع ذلك تمت الإدانة. لم أكن أعرف هذه التفاصيل، والحقيقة أن غياب الحقائق هو ما صدمَني”.
التصوير في إيطاليا
ووصفت تجربة التصوير في إيطاليا بأنها “حلم”، مشيدة بالممثلين الإيطاليين الذين لمست فيهم “قوة داخلية واضحة”، وبأسلوب الحياة الإيطالي القائم على العائلة والطعام. وأكدت أن الآيس كريم الإيطالي “لا مثيل له”، حتى أنها وجدت أفضل نكهة في الفاتيكان.
وأشارت فان باتن إلى أن المسلسل استلهم أسلوبه البصري والنغمي من فيلم Amélie الفرنسي، المفضل لدى نوكس والذي كان جزءاً من حجتها في القضية، إذ كانت تشاهده مع رافائيلي وقت الجريمة المزعومة: “هذا الأسلوب أضفى على المسلسل حيوية وبُعداً شخصياً، وجعله يختلف عن السرديات الجنائية التقليدية، مقدماً لمسة فنية تعكس روح أماندا قبل الأحداث”.