نفى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشائعات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي حول وفاته، وأرجع انتشار هذه الشائعات إلى فترة هدوء قصيرة في ظهوره العلني خلال عطلة عيد العمال. وسخر ترمب خلال مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، مساء الثلاثاء، من هذه المزاعم ووصفها بأنها «أخبار كاذبة»، مؤكداً على نشاطه الأخير في دحض التلميحات حول وجود مخاوف صحية تتعلق به، وأعلن أنه كان نشيطاً جداً خلال الأيام الماضية.
وقال ترمب: «الأمر يبدو غريباً بعض الشيء، لكنني شاركت الأسبوع الماضي في كثير من المؤتمرات الصحافية، وكلها كانت ناجحة»، مشيراً إلى أنه أجرى مقابلة لمدة ساعة ونصف الساعة مع إحدى وسائل الإعلام، ونشر كثيراً من «التغريدات» على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصة «تروث سوشال». وأشار إلى أنه كان «نشطاً للغاية» خلال عطلة نهاية الأسبوع، بما في ذلك زيارة إلى ناديه على نهر بوتوماك. وقارن ترمب وضعه بوضع الرئيس جو بايدن، الذي انتقده لغيابه الطويل دون خضوعه لتدقيق مماثل. وأضاف: «لم يكن بايدن يُعقد مؤتمرات صحافية لأشهر. لم نكن لنراه. ولم يقل أحد قط إنه يعاني من أي مشكلة». وقد انتشرت هذه الشائعات، التي حصدت 1.3 مليون تفاعل عبر الإنترنت، بسبب انقطاع ترمب عن الفعاليات العامة منذ الثلاثاء الماضي.
روسيا في الأيام المقبلة
وفي إجابته عن أسئلة الصحافيين حول روسيا والصراع الدائر في أوكرانيا، حينما سُئل عما إذا كان قد تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أجاب ترمب بغموض: «نعم، لقد تحدثت، لقد تعلمت أشياء ستكون مثيرة للاهتمام للغاية. أعتقد أنكم ستكتشفون ذلك في الأيام القليلة المقبلة». وأعرب عن رغبته في انتهاء الحرب، مسلطاً الضوء على الخسائر الفادحة الأخيرة. وقال ترمب، في إشارة إلى القوات الروسية والأوكرانية: «في الأسبوع الماضي، خسر البلدان أكثر من 7000 جندي، وبالتحديد 7313 جندياً، دون أي سبب، أريد أن أرى نهاية لهذه الحرب».
وقال ترمب في مقابلة إذاعية، الثلاثاء، إنّه يشعر «بخيبة أمل كبيرة» تجاه نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد فشل لقائهما في ألاسكا في تحقيق تقدم ملموس بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. وبعد لقائه بوتين في 15 أغسطس (آب)، سعى ترمب إلى تنظيم لقاء بين الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، غير أنّ موسكو صعّدت هجماتها على أوكرانيا منذ ذلك الحين.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان يشعر بالخيانة من تعامل بوتين، قال ترمب: «كانت بيننا علاقة رائعة، أشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه الرئيس بوتين»، مضيفاً: «آلاف الأشخاص يموتون، إنها حرب لا معنى لها».
ومع ذلك، لم يعلن ترمب فرض عقوبات على روسيا، رغم الإنذار الذي وجَّهه لموسكو قبل أسبوعين، والذي من المقرّر أن تنتهي المهلة التي وضعها بموجبه، في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
ومنذ قمة ألاسكا، حافظ الرئيس الأميركي على موقف غامض بشأن الملف الأوكراني؛ إذ هدّد موسكو في بعض الأحيان بفرض عقوبات، بينما قال في أحيان أخرى إنّه سيدع البلدَين يواصلان مواجهتهما.
وأكد ترمب أنّه «ستكون هناك» عواقب إذا فشل بوتين وزيلينسكي في الاتفاق على لقاء لإنهاء الحرب.
وردّاً على سؤال خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، أظهر ترمب المزيد من الغموض؛ إذ قال: «لقد عرفت أشياء ستكون مثيرة جداً للاهتمام، وأعتقد أنكم ستعرفون ما هي في الأيام المقبلة».
والاثنين، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت رداً على سؤال بشأن العقوبات المحتملة على روسيا، إنّ إدارة ترمب ستدرس خياراتها هذا الأسبوع. وأضاف في تصريح لشبكة «فوكس نيوز»، أنّه منذ اللقاء في ألاسكا والمكالمة الهاتفية التي أجراها ترمب مع بوتين خلال الاجتماع الذي عُقد في البيت الأبيض مع زيلينسكي وقادة أوروبيين، فعل الرئيس الروسي «عكس ما قال إنّه يريد القيام به». وتابع بيسنت: «في الواقع، وبطريقة حقيرة ومقيتة، صعّد حملة القصف. لذا؛ أعتقد أنّ كلّ الخيارات مطروحة بالنسبة إلى الرئيس ترمب، وسندرسها بعناية فائقة هذا الأسبوع».
الاستعراض العسكري الصيني
وفي سؤال حول ما إذا كان العرض العسكري الصيني، الذي يشارك فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، يُشكل تحدياً للولايات المتحدة. تجاهل ترمب المخاوف بشأن وجود ثقل موازن من الصين وروسيا وكوريا الشمالية، مؤكداً على «علاقته الجيدة جداً» بالرئيس الصيني شي جينبينغ، ومؤكداً أن «الصين في حاجة إلينا أكثر بكثير مما نحتاج إليها». قال ترمب إنّه لا يشعر بالقلق إزاء إنشاء تحالف محتمل بين روسيا والصين. وقال: «لست قلقاً على الإطلاق». وأضاف: «لدينا أقوى قوات عسكرية في العالم وبلا منازع، ولن يستخدموا قواتهم العسكرية ضدّنا أبداً. صدقوني، سيكون ذلك أسوأ قرار يتّخذونه على الإطلاق».
وأشاد ترمب بالرسوم الجمركية وأهميتها في توليد إيرادات كبيرة وتعزيز القوة التفاوضية للولايات المتحدة. وأكد أن الصفقات مع اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي جلبت «مئات المليارات» وما يصل إلى «950 مليار دولار»، مع قبول الدول للشروط الأميركية طواعيةً. وسلط الضوء على الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الهند، مشيراً إلى أنها أعاقت الأعمال التجارية الأميركية، مثل صادرات «هارلي ديفيدسون»، التي واجهت رسوماً جمركية بنسبة 200 في المائة.
وأوضح ترمب أن سياساته المتعلقة بالرسوم الجمركية حفَّزت الشركات الأجنبية، بما في ذلك شركات تصنيع السيارات من الصين والمكسيك وكندا، على بناء مصانع في الولايات المتحدة لتجنب الرسوم الجمركية؛ ما أدى إلى خلق فرص عمل ونمو اقتصادي. وحذّر ترمب من أن فقدان سلطة فرض الرسوم الجمركية بسبب ما سماه حكم «محكمة ليبرالية»، موضحاً أن هذا الحكم القضائي سيجبر الولايات المتحدة على سداد «تريليونات» من الديون للدول التي «نهبتنا على مدار 35 عاماً»؛ ما قد يُزعزع استقرار الاقتصاد.
كاليفورنيا وشيكاغو
وأبدي ترمب اعتراضه أيضاً على حكم قضائي في كاليفورنيا عدّ نشر إدارة ترمب لقوات الحرس الوطني في لوس أنجليس غير قانوني. ورفض ترمب الحكم ووصفه بأنه من عمل «قاضٍ يساري متطرف». وكرر تهديده بإرسال قوات الحرس الوطني إلى شيكاغو ومدن أخرى، رافضاً تحديد موعد إرسال هذه القوات.
وتحدث ترمب لأكثر من ساعة خلال الإحاطة الصحافية حول نقل قيادة القوات الفضائية إلى هانتسفيل بولاية ألاباما، وتطرق إلى مواضيع عدة تتعلق بإجراءات السلامة المدرسية، وتدفقات المخدرات من فنزويلا، معلناً تنفيذ الجيش الأميركي ضربة قاتلة على سفينة لتهريب المخدرات من فنزويلا عبر الكاريبي.