اشتبك الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال زيارة لمقر الاحتياطي الفيدرالي، الخميس، في مواجهة علنية نادرة بين رئيس أميركي ورئيس بنك مركزي.
تشاجر الرجلان، اللذان ارتديا خوذتين بيضاوين صلبتين أثناء تفقدهما أعمال تجديد مقر الاحتياطي الفيدرالي في مارينر إس إيكليس في واشنطن، في تصريحات تلفزيونية حول تكاليف المشروع.
قال ترمب بعد لحظات من إشارته لباول ليظهر في منتصف إطار الكاميرا: «ننظر في الأمر، ويبدو أنه نحو 3.1 مليار دولار، وقد ارتفع قليلاً أو كثيراً. لذا؛ فإن 2.7 أصبح الآن 3.1».
هزّ باول رأسه وقاطع الرئيس، قائلاً إنه «لم يكن على علم» بأن تكلفة المشروع قد ارتفعت عن تقدير البنك المركزي البالغ 2.5 مليار دولار.
قال ترمب وهو يُخرج ورقة من جيبه بينما كانا يقفان جنباً إلى جنب في ممرّ بإطار خشبي مكشوف ومعدات بناء: «لقد ظهرت للتو».
من جهته، أخبر باول ترمب أن الرقم الأعلى الذي ذكره يشمل تجديدات مبنى مارتن، الواقع على الجانب الآخر من الطريق من موقع البناء، والذي اكتمل قبل خمس سنوات.
وتمثل زيارة ترمب تكثيفاً كبيراً لهجماته على رئيس البنك المركزي. بدأ الرئيس وكبار مسؤولي الإدارة في الأسابيع الأخيرة باستخدام مشروع البناء، الذي تجاوز الميزانية المخصصة له بمقدار 700 مليون دولار، واجهةً جديدةً لانتقاد الاحتياطي الفيدرالي وباول. وقال الاحتياطي الفيدرالي إن تجاوز التكاليف يعود بشكل كبير إلى ضرورة الحفاظ على مبنى تاريخي عمره قرابة 90 عاماً، بدلاً من البدء في بناء مقر جديد من الصفر.
كما تأتي زيارة ترمب لمقر الاحتياطي الفيدرالي قبل أقل من أسبوع من اجتماع صناع السياسات التسعة عشر في البنك المركزي لعقد اجتماع لمدة يومين لتحديد أسعار الفائدة، حيث من المتوقع على نطاق واسع أن يتركوا سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي في نطاق 4.25 في المائة -4.50 في المائة.
وأصرّ ترمب أيضاً على ضرورة خفض أسعار الفائدة بشكل كبير لتحفيز أكبر اقتصاد في العالم وخفض تكاليف خدمة الدين. وصرح يوم الخميس بأنه «يتمنى» أن يخفض باول أسعار الفائدة.
مخاوف المستثمرين
وقد أثار الخلاف بين الرئيس والاحتياطي الفيدرالي مخاوف متزايدة بين المستثمرين، الذين يعدّون استقلالية البنك المركزي في وضع السياسة النقدية أمراً حيوياً لدور الولايات المتحدة في قلب التمويل العالمي.
وأشارت المحكمة العليا إلى أن البيت الأبيض لا يحق له إقالة باول أو أيٍّ من حكام الاحتياطي الفيدرالي الستة الآخرين نتيجةً للخلافات حول السياسة النقدية. لكن بعض المحللين أشاروا إلى أن ترمب قد يستخدم مشروع التجديد ذريعةًٍ لإقالة باول «بسببٍ وجيه».
«لا توترات»
عندما سأل أحد الصحافيين ترمب عما سيفعله إذا تجاوز مدير أحد مشاريعه الإنشائية الميزانية، أجاب بصراحة: «بشكل عام، ماذا سأفعل؟ سأقيله». وضحك باول بينما ضربه ترمب على ذراعه قائلاً: «لا أريد أن يكون الأمر شخصياً».
وفي نهاية الجولة القصيرة، امتنع ترمب عن توجيه انتقادات مباشرة للمشروع. وعندما سأله الصحافيون ما إذا كان يرى سوء إدارة، تردّد وقال إنه رأى «وضعاً فاخراً جداً»، لكنه يفهم أن الإجراءات الأمنية والحاجة إلى البناء في الطابق السفلي، تتطلب تكاليف عالية.
وقال ترمب: «انظروا، هناك دائماً من يطلق الأحكام بعد فوات الأوان، لا أريد أن أكون ذلك الشخص»، مضيفاً: «أريد فقط مساعدتهم على إنهاء المشروع».
من جهته، قال عضو مجلس الشيوخ تيم سكوت، حليف ترمب وجمهوري من ساوث كارولاينا، إنه يعتقد أن المشروع «باهظ التكلفة للغاية».
وأكد ترمب أنه «لم يكن هناك توترات» مع باول خلال اللقاء، وامتنع عن الكشف عن تفاصيل مناقشتهما حول أسعار الفائدة، مشيراً إلى فترة الصمت التي يفرضها الاحتياطي الفيدرالي قبل اجتماعه الأسبوع المقبل.
وقال ترمب: «أعتقد أننا عقدنا اجتماعاً جيداً». كما أشار إلى أنه لا يرى في تجاوزات التكاليف سبباً كافياً لإقالة باول من منصبه. أضاف: «لا أريد أن أضع هذا الأمر في تلك الفئة»، وتابع: «أريد فقط أن يحدث شيء واحد، بسيط جداً: يجب أن تنخفض أسعار الفائدة».
«لا يزال أمامه طريق طويل»
في وقت لاحق، اتخذ ترمب لهجة أكثر تصالحية، حيث كتب على موقع «تروث سوشيال» إنه «شرف عظيم» له أن يزور الموقع مع باول.
وكتب: «لا يزال أمامه طريق طويل، وكان من الأفضل لو لم يبدأ العمل فيه، لكن هذا هو الوضع، ونأمل أن يتم الانتهاء منه في أقرب وقت ممكن… إن تجاوزات التكلفة كبيرة، ولكن على الجانب الإيجابي، فإن بلدنا في حالة جيدة للغاية ويمكنه تحمل أي شيء تقريباً – حتى تكلفة هذا المبنى!».
الزيارات الرئاسية إلى الاحتياطي الفيدرالي نادرة للغاية، وكانت آخر زيارة علنية له عندما حضر جورج دبليو بوش حفل تنصيب بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008. وانضم إلى ترمب مدير مكتب الإدارة والموازنة راسل فوت، وعضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان توم تيليس وتيم سكوت؛ ونائب رئيس موظفي الرئيس، جيمس بلير؛ ومدير وكالة تمويل الإسكان الفيدرالية ويليام بولت؛ والمستشار العام لمكتب الإدارة الموازنة، مارك باوليتا؛ والمسؤول في اللجنة الوطنية للتخطيط العام، ستيوارت ليفينباخ.