كتب محمد خواجوئي, في الأخبار:
بدأ الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أمس، زيارةً تستمرّ ليومين إلى سلطة عمان، فيما يلقي الغموض الذي يكتنف المحادثات بين طهران وواشنطن بظلاله على هذه الزيارة إلى البلد الذي يضطلع بدور الوسيط في المفاوضات. ووفقاً للناطق باسْم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، فإن زيارة بزشكيان إلى مسقط جاءت تلبية لدعوة من سلطان عمان، هيثم بن طارق آل سعيد، «وكان قد خُطط لها من قبل»، في «سياق العلاقات الثنائية».
وأشار بقائي إلى أن التطوّرات المختلفة التي تشهدها المنطقة، بما فيها المفاوضات الإيرانية – الأميركية، ستشكّل جزءاً من المشاورات التي يجريها مسؤولو البلدين. ومن جهته، قال الرئيس الإيراني لسلطان عمان: «لدينا ثقة تامّة بالسلطنة، وهذه الثقة تُحمّل الطرفين مسؤولية أكبر في تعزيز العلاقات وتنفيذ التفاهمات»، فيما لفت بن طارق، بدوره، إلى أنه «في مجال المباحثات النووية، تتابع مسقط الطريق بجدّية، وتعتبر نجاح إيران نجاحاً للمنطقة».
وقبيل مغادرته إلى عُمان، أعلن بزشكيان أن هدف الزيارة هو «إقامة علاقات أعمق وأفضل مع الجيران، بما في ذلك سلطنة عمان لتوسيع العلاقات الثنائية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والاجتماعية». وفيما ذكر أن حجم التجارة بين البلدين يبلغ نحو 2.3 مليار دولار، قال الرئيس الإيراني إن «هذه الروابط تزداد يوماً بعد يوم، ومن المتوقّع، خلال هذه الزيارة، مناقشة القضايا المتعلّقة بالطرق والشحن والتجارة والعلاقات الوثيقة». كذلك، أعرب عن أمله في إقامة علاقات أوثق وأعمق بين البلدين من الماضي، وتحقيق إنجازات مهمّة.
أحد الاقتراحات يتمثّل في التجميد المؤقت لتخصيب اليورانيوم في إيران
وبحسب وسائل إعلام رسمية إيرانية، فإنه سيتمّ خلال الزيارة، «توقيع أربع وثائق تتعلّق باتّفاقات التجارة التفضيلية، والدعم الاستثماري المتبادل، والتعاون الجمركي، وخارطة طريق للعلاقات بين البلدين». وفي هذا الإطار، كتبت صحيفة «إيران» الحكومية أن زيارة بزشكيان إلى سلطنة عمان «يجب النظر إليها على مستويَين: تعزيز التعاون الثنائي من جهة؛ وباعتبارها رسالة حول مواصلة مسار المفاوضات غير الرسمية والسرّية مع الغرب، بالتعويل بشكل خاص على دور عُمان المحايد والموثوق به والمؤثّر، من جهة أخرى». ويشير مسار المحادثات، والذي تضطلع عمان بدور الوسيط فيه، إلى بطء وصعوبات تعترضه، في ظلّ شكوك باتت تخيّم على مخرجات العملية التفاوضية.
ومن أهمّ العناوين المختلف عليها بين الجانبين الإيراني والأميركي، هو تخصيب اليورانيوم في إيران؛ علماً أن الأخيرة تؤكّد الطابع السلمي لبرنامجها النووي، وتوازياً حقّها في امتلاك دورة إنتاج الوقود النووي، وفقاً لـ«معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية» (إن بي تي)، كما أنها تعتبر ذلك خطّاً أحمر، خارج نطاق التفاوض. ولكنها تُبدي في الوقت ذاته، جاهزية لخفض مستوى التخصيب، من دون تفكيك برنامجها، في إطار اتفاق يفضي إلى رفع العقوبات عنها.
في المقابل، ترفع الولايات المتحدة سقف اشتراطاتها لبلوغ الاتّفاق المأمول، عبر مطالبة إيران بتفكيك برنامج تخصيب اليورانيوم بالكامل، وإزالة المنشآت ذات الصلة، واستيراد الوقود النووي من الخارج، من دون الحاجة إلى إنتاجه.
ويبدو أن إلحاح الطرفين على مواقفهما، وضع المحادثات أمام تعقيدات جديدة، فيما يبذل الجانب العماني جهوداً لفكّ هذه العقدة. وكان الطرف الإيراني أعلن، في الجولة الخامسة من المفاوضات، الأسبوع الماضي، أن مسقط قدّمت «اقتراحات» للطرفين، على أن توضح طهران وواشنطن، موقفهما منها.
ورغم أنه لم يتم الإعلان رسميّاً عن فحوى تلك الاقتراحات، بيد أن التكهّنات تذهب إلى أن أحدها يتمثّل في التجميد المؤقت لتخصيب اليورانيوم في إيران، فيما يقضي الآخر بالتوصّل إلى اتفاق مؤقت ومحدود بينهما على قاعدة «الأدنى مقابل الأدنى». وهكذا، ومن أجل تفادي فشل المحادثات، يوافق الطرفان على اتفاق محدود، قبل التحرّك نحو إبرام اتفاق أوسع. وثمّة احتمال كبير أن يقدّم بزشكيان، خلال زيارته إلى مسقط، ردّ إيران على الاقتراحات العمانية، الأمر الذي يمكن أن يؤثّر على الجولة السادسة من المحادثات التي قيل إنها ستُعقد قريباً.