المكان: الأمم المتحدة، نيويورك، في 29 يوليو 2025
شكرًا لكم، سيدي الرئيس.
نجتمع اليوم في لحظة مظلمة. لقد مرّ 660 يوماً منذ أن اختُطِف الرهائن الإسرائيليون بوحشية على يد إرهابيي حماس.
لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة. وما يوجد فقط هو واجب واضح يقع علينا جميعًا في إنهائها. الدمار في غزة مفجع.
الأطفال يتضوّرون جوعاً، وقد أثار النهج الإسرائيلي في تقطير المساعدات سخط العالم أجمع.
هذا الوضع يُعد انتهاكاً صريحاً للقيم التي يقوم عليها ميثاق الأمم المتحدة.
في الأسبوع الماضي، قادت بريطانيا 28 دولة للمطالبة بإنهاء فوري لهذه الحرب المروعة. ولرسم مسار يقود المنطقة نحو مستقبل أفضل.
وذلك يتطلب وقفاً فورياً لإطلاق النار- وليس فقط وقفاً مؤقتاً، بل خطة تضمن استمراريته.
الزملاء الأعزاء، إن التاريخ يضع على عاتق بريطانيا مسؤولية خاصة لدعم حل الدولتين. وخلال الاثني عشر شهراً الماضية، اتخذت الحكومة البريطانية خطوات فعلية في مواجهة هذه الأزمة المتفاقمة:
أعدنا تمويل الأونروا.
علّقنا صادرات الأسلحة التي قد تُستخدم في غزة.
قدمنا مساعدات إنسانية بملايين الجنيهات.
وقّعنا اتفاقاً تاريخياً مع السلطة الفلسطينية.
دافعنا عن استقلالية المحاكم الدولية.
فرضنا ثلاث حزم من العقوبات على المستوطنين العنيفين.
وعلّقنا المفاوضات التجارية مع الحكومة الإسرائيلية وفرضنا عقوبات على وزراء إسرائيليين من اليمين المتطرف بسبب التحريض.
ومع ذلك، يا أصدقائي الأعزاء، لا تزال الأوضاع تتدهور. وحل الدولتين مهدد بالضياع. ولكي نمضي نحو مستقبل أفضل، يجب أن نتأمل الماضي.
قبل 108 أعوام، وقّع وزير الخارجية البريطاني آنذاك، آرثر بلفور، الإعلان الذي يحمل اسمه. وقد ساهم ذلك الإعلان في إرساء الأسس لإقامة وطن قومي للشعب اليهودي.
وبريطانيا يمكن أن تفخر بهذا الدور. دعمنا لإسرائيل، ولحقّها في الوجود، ولأمن شعبها، يبقى راسخاً لا يتزعزع.
غير أن إعلان بلفور تضمّن وعداً جلياً بأن “لا يتم القيام بأي شيء من شأنه المساس بالحقوق المدنية والدينية” للشعب الفلسطيني كذلك.
الزملاء، هذا الوعد لم يتم الوفاء به، وهو يشكل ظلماً تاريخياً لا يزال يتكشف أمام أعيننا.
نحن كدبلوماسيين وسياسيين، اعتدنا تكرار عبارة “حل الدولتين”. لقد كررت هذه الجمعية، ومجلس الأمن، المرة تلو الأخرى، أن التسوية لابد أن تكون على أساس دولتين.
قرار تلو الآخر:
القرار 181، القرار 242، القرار 446، القرار 1515، القرار 2334.
هذه ليست مجرد أرقام على الورق- بل تعبير عن قناعة عالم محبط ومنهك.
أيها الرؤساء،
يجب ألا تُكافَأ حماس على جريمتها الوحشية في السابع من أكتوبر. ويجب أن تُفرج فوراً عن الرهائن، وتوافق على وقف فوري لإطلاق النار، وتعترف بأنها لن يكون لها أي دور في حكم غزة، وأن تلتزم بنزع السلاح. لكن حماس ليست ممثلة للشعب الفلسطيني.
ولا يوجد أي تناقض بين دعم أمن إسرائيل ودعم قيام الدولة الفلسطينية. بل، العكس هو الصحيح.
دعوني أكون واضحاً: رفض حكومة نتنياهو لحل الدولتين هو أمر خاطئ-
خاطئ أخلاقياً، وخاطئ استراتيجياً. إنه يضر بمصلحة الشعب الإسرائيلي، لأنه يقطع الطريق الوحيد المؤدي إلى سلام عادل ودائم. ولهذا نحن مصممون على حماية إمكانية تحقيق حل الدولتين.
ومن هذا المنظور التاريخي، تعلن حكومة جلالة الملك نيتها الاعتراف بدولة فلسطين عندما تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل هنا في نيويورك.
وسنقوم بذلك- ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات حاسمة لإنهاء الكارثة في غزة، ووقف عملياتها العسكرية، والالتزام بسلام دائم قائم على مبدأ الدولتين. كما أن مطالبنا من حماس تبقى ثابتة وغير قابلة للتنازل.
وقبل انعقاد الجمعية العامة، سنُجري تقييماً لمدى التقدم الذي أحرزه الطرفان في تنفيذ هذه الخطوات.
ولن يُمنَح أي طرف “حق نقض” (فيتو) على هذا الاعتراف من خلال أفعاله أو امتناعه عن الفعل.
لكن الاعتراف وحده لن يُغيّر الواقع على الأرض. لهذا نحن نتخذ أيضاً خطوات فورية على النحو التالي:
تنفيذ عمليات إسقاط جوي للمساعدات الإنسانية بالتعاون مع الأردن.
نقل الأطفال المصابين إلى مستشفيات في بريطانيا.
والضغط من أجل استئناف المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة.
ونؤمن كذلك بأنه لن يكون هناك وقف إطلاق نار دائم ما لم يتحقق تقدم عاجل في ترتيبات الحكم والأمن في غزة.
ولهذا نحن نعمل مع حلفائنا على إعداد خطة مفاوضات سياسية طويلة الأمد تؤدي إلى تطبيق حل الدولتين.
سيدي الرئيس،
لا توجد رؤية أنسب لمستقبل هذه المنطقة من قيام دولتين: دولة إسرائيلية تعيش داخل حدود آمنة، معترف بها، وفي سلام مع جيرانها، خالية من تهديد الإرهاب، ودولة فلسطينية يعيش فيها الشعب بكرامة وأمن، خالية من الاحتلال.
إن هذا الصراع المستمر منذ عقود لا يمكن إدارته أو احتواؤه. بل لا بد من إنهائه الآن. وبريطانيا مستعدة للقيام بدورها الكامل والتاريخي لتحقيق هذا الهدف.