بعد أيام من إعلان وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي تأييد العراق بقاء التحالف الدولي في سوريا جزءاً من ترتيبات مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي في كلا البلدين، أعلنت «لجنة الأمن والدفاع» في البرلمان، الأحد، أن الحاجة «لا تزال قائمة» إلى بقاء قوات التحالف في البلاد.
وفيما أجرى العراق العام الماضي، ثلاث جولات من الحوار في بغداد وواشنطن من أجل إعادة تنظيم وجود التحالف الدولي بعد إتمام انسحاب ما تبقَّى من القوات الأميركية، فإن الفصائل المسلحة التي تلتزم الصمت حتى الآن حيال التصريحات الجديدة، كانت قد طالبت مراراً خلال الأعوام الماضية بانسحاب تلك القوات.
وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي كان قد أعلن في حوار متلفز مؤخراً، أن بقاء قوات التحالف الدولي في الأراضي السورية «أمر مطلوب»، مبيناً أن «أمن العراق جزء لا يتجزأ من أمن سوريا». وقال إن «التنسيق الأمني والعسكري مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لا يزال قائماً»، مضيفاً أن «بغداد لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بشأن تغيير جداول انسحاب قوات التحالف من سوريا أو العراق».
وطبقاً للعباسي فإن «بقاء القوات الأميركية وقوات التحالف في سوريا يظل ضرورياً لمواصلة مواجهة بقايا التنظيم، التي لا تزال موجودة وتمثل تهديداً عابراً للحدود».
تأتي تصريحات الوزير العراقي في وقت أكّدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن تحركات القوات الأميركية من شمال وشرق سوريا إلى مواقع أكثر أماناً داخل العراق، تأتي في إطار «إعادة تموضع مدروسة وآمنة ومهنية»، تهدف إلى «تعزيز النجاحات ضد (داعش) وتثبيت الاستقرار الإقليمي»، ولا تعني إنهاء مهمة التحالف في سوريا.
وطبقاً لمسؤول في «البنتاغون» في تصريحات صحافية، فإن «الشركاء المحليين في سوريا لا يزالون في الميدان، وقوة فعالة في مواجهة (داعش)»، مضيفاً أن الولايات المتحدة ستواصل «تمكين هؤلاء الشركاء من تنفيذ معظم مهام مكافحة الإرهاب المتبقية، بما في ذلك حراسة معتقلي (داعش)».
وأشار المسؤول إلى أن «تنظيم (داعش) قد يسعى إلى استغلال أي حالة من عدم الاستقرار، لكنَّ جهود الولايات المتحدة لمنع عودته لا هوادة فيها»، مؤكداً أن «التحالف الدولي يظل ملتزماً بتحقيق الهزيمة الدائمة للتنظيم في كل من سوريا والعراق».
إلى ذلك وطبقاً لما أعلنته «لجنة الأمن والدفاع» في البرلمان العراقي، فإن الحاجة «لا تزال قائمة إلى بقاء قوات التحالف الدولي في العراق».
وقال عضو اللجنة ياسر إسكندر وتوت، في تصريح له يوم الأحد، إن العراقَ «يحتاج إلى دعمٍ لوجيستي وجويّ كبير، خصوصاً أن ما يمتلكه من إمكاناتٍ غيرِ كاف لضبط الأجواء المشترَكة مع دول الجوار»، مضيفاً أنّ «بقاء قواتِ التحالفِ الدَّوْلي في البلاد أمرٌ مطلوبٌ وواقعي»، على حدِّ تعبيرِه. وأشار وتوت إلى أن «الجهودَ الأمنية التي تقودها وزارةُ الداخلية، وقيادةُ قوات الحدود، مدعومةً بالقوات الأمنية، نجحت في تأمين الشريط الحدودي مع سوريا بشكلٍ مُحكَم»، مشيراً إلى أن النواب أعضاء اللجنة «اطّلعوا ميدانياً على تلك الجهودِ، وأنّ الحاجة لا تزال قائمة إلى الغطاء الجويّ لتعزيزِ الاستقرارِ هناك».
ولفت عضو اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي إلى أن ما دعا إليه وزيرُ الدفاع العراقي ثابت العباسي، حول ضَرورة بقاء قوات التحالف «يمثّل موقفاً واقعياً، كونَ التحالفِ يمتلك أسطولاً جوياً مؤثراً في تأمين أجواءِ العراق»، مشيراً إلى أنّ العقودَ الحكومية الأخيرةَ لشراء 14 طائرة حديثة «لا تكفي لتغطية كامل الحاجة».
وبينما يقدَّر عدد قوات التحالف الدولي في العراق بنحو ألفين وخمسِمائةِ جنديّ، يؤدّون مهامَ تتعلقُ بمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، وتقديمِ الدعم اللوجيستي للقوات العراقية, فإن الفصائل المسلحة الموالية لإيران تلتزم الصمت منذ شهور، لا سيما بعد تصاعد التهديدات الإسرائيلية ضد إيران، وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لعدم تنفيذ ضربات ضد الفصائل العراقية المسلحة في العراق في الوقت الحاضر.
يُذكر أن العراق انخرط العام الماضي في جولات حوار مع الولايات المتحدة الأميركية لإعادة تنظيم العلاقة بين الطرفين في ضوء اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» التي وقَّعها الطرفان عام 2008.
وبينما لا تزال واشنطن تخشى من تمدد تنظيم «داعش» بين العراق وسوريا، فإن القوات العراقية بمشاركة جهاز المخابرات الوطني كانت قد وجهت مؤخراً أكبر ضربة إلى التنظيم الإرهابي على الشريط الحدودي بين البلدين أدَّت إلى مقتل 14 إرهابياً من بينهم أبرز قيادات «داعش» في صحراء الأنبار. وطبقاً لبيان رسمي عراقي، فإن تلك الضربة جاءت «بتوجيه ومتابعة من القائد العام للقوات المسلحة، ووفقاً لمعلومات دقيقة وعمل ميداني استمر لشهرين متواصلين لمراقبة وجود قيادات مهمة لعصابات (داعش) الإرهابية في صحراء الأنبار، في منطقة الحزيمي شرق وادي الغدف في أربعة أماكن متباعدة ومُحكمة ومخفية بعمليات تمويه عالية، إذ كان العمل الاستخباري الدقيق وعالي المستوى مستمراً من جهاز المخابرات العراقي، والمراقبة الفنية الأرضية، والجوية، وتسخير المصادر، وبتخطيط ومتابعة قيادة العمليات المشتركة، والتنسيق مع جهاز المخابرات منذ لحظة الاستلام، وتم التوصل إلى أماكن هذه الأماكن والمعلومات التفصيلية الدقيقة عن العناصر الإرهابية الموجودة في المكان».
وأضاف البيان أنه «تم القيام بضربات جوية متعاقبة ومباغتة لجميع الأماكن، أعقبتها عملية إنزال جوي لقطعات محمولة، وبتعاون وتنسيق استخباري وفني مع التحالف الدولي، وبعد الاشتباك مع الفارين من الضربات الجوية في عدة مواقع أصبح عدد قتلى عناصر (داعش) في الصحاري والكهوف 14 إرهابياً بعضهم (كان) يرتدي أحزمة ناسفة، ويحمل رمانات يدوية»، حسبما أفادت به وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع).
وتابعت قيادة العمليات المشتركة أن «المعلومات الاستخبارية الدقيقة تشير إلى أن من بين القتلى قيادات مهمة من الصف الأول لعصابات (داعش) الإرهابية».