أطلقت السعودية بالشراكة مع الأمم المتحدة مبادرة عالمية لبناء القدرات في الفضاء السيبراني، على هامش انطلاق منتدى الأمن السيبراني العالمي في الرياض، الذي افتتح أعمالَه نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأميرُ فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، صباح الأربعاء.
وأوضح الأمير فيصل بن بندر أن مضامين شعار النسخة الخامسة من المنتدى بعنوان «تعزيز المكتسبات المشتركة في الفضاء السيبراني»، تؤسس للبناء على ما تحقق من إنجازات مهمة خلال النسخ السابقة، خصوصاً فيما يتعلق بتوحيد الجهود الدولية، وتكثيف العمل المشترك.
وأبدى الأمير فيصل بن بندر ثقته بأن يقدم المختصون والخبراء وصناع القرار من جميع أنحاء العالم، خلاصة التجارب الدولية في هذا المجال، مما يُعزِّز مخرجات المنتدى، وبما يسهم في الوصول إلى فضاء سيبراني آمن وموثوق يُمكِّن النمو والازدهار لشعوب العالم بأسره.
من ناحيته، أكد المهندس ماجد المزيد، محافظ الهيئة السعودية للأمن السيبراني، أن إطلاق المبادرة يأتي انطلاقاً من موقع بلاده الرائد عالمياً في القطاع الحيوي والواعد، وما حقّقته تجربتها محلياً وإقليمياً وعالمياً من مكتسبات حتى بات أنموذجها اليوم فيه ناجحاً يُعترف به دولياً.
ونوَّه المزيد بأن المبادرة ستُحقق تطويراً متسارعاً للقدرات على نطاق واسع في المجالات ذات الاحتياج الأكبر؛ عبر تسخير خبرات مجموعة واسعة من الجهات المعنية الدولية، مضيفاً: «معاً، نحن لا نستجيب فقط للتهديدات السيبرانية المتطورة، بل نشكل أيضاً فضاءً أكثر أمناً وشمولاً، ومعه مستقبلاً أكثر سلماً وازدهاراً للبشرية جمعاء».
الدور المحوري السعودي لبناء القدرات
من جهته، قال أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، خلال مخاطبته حشد المنتدى عبر كلمة مرئية مسجلة: «العالم بات اليوم أكثر ترابطاً؛ حيث أضحى الفضاء السيبراني أمراً ملحاً لتحفيز الابتكار وصناعة الفرص»، مُقرّاً في الوقت نفسه بوجود نقاط ضعف يُمكن أن تُقوّض الثقة، وتُعطّل المجتمعات، وتُهدد السلام.
وشدَّد غوتيريش على ضرورة تبني العمل الجماعي نحو تسخير الفضاء السيبراني لخدمة الصالح العام؛ من خلال الاستثمار في الإنسان، وبناء المهارات، وتعزيز الشمولية، فضلاً عن بناء شراكات عالمية قائمة على التضامن والمسؤولية المشتركة مع تسارع وتيرة التحول الرقمي؛ دون إغفال أي بلد أو مجتمع.
وأشاد الأمين العام بالدور المحوري للسعودية في بناء القدرات المتعلقة بفضاء الأمن السيبراني، ومبادراتها ذات الصلة، ومنها التي أُطلقت الأربعاء، لبناء القدرات الدولية، والمنتدى الذي يتناول قضايا حيوية تُعزِّز حماية الأطفال وتمكين المرأة، داعياً إلى تكاتف الجميع، والعمل معاً لبناء الثقة، وإرساء قواعد مشتركة، وحماية حقوق الإنسان من أجل مستقبل رقمي أكثر أماناً لشعوب العالم.
وأكد غوتيريش التزام الأمم المتحدة بتعزيز رؤيةٍ لفضاء سيبراني مفتوح وآمن ومرتكز على القانون الدولي، مشيراً إلى أن المنظمة تعمل على ضمان امتلاك جميع الدول القدرة على تعظيم الفرص مع تقليل المخاطر في الفضاء السيبراني.
أهمية تعزيز العمل الجماعي
وناقش خبراء ومختصون في جلسات اليوم الأول من المنتدى أهمية تعزيز العمل الجماعي، وتبادل الخبرات لتحقيق الغاية الكبرى من الأمن السيبراني، لافتين إلى دور السعودية المحوري في المجال، في وقت تحقق فيه نمواً متصاعداً على الأوجه كافة. كما استعرضوا أهمية البعد الاقتصادي من حيث تعزيز الأمن السيبراني وقيادة النمو.
من جهته، قال عاصم الحصيني مدير عام الأمن السيبراني بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية «كاكست»، لـ«الشرق الأوسط»، إن المنتدى يناقش قضايا حيوية تلامس حاجة العالم أجمع، في ظل ما تحققه السعودية من إنجازات في المجال، عبر كفاءة السياسات والتشريعات التي تنظمها الجهات المعنية المختصة، والعمل الدؤوب على التطوير، مما عزَّز النمو الملحوظ، وزيادة الاستثمارات والشركات في القطاع.
تعاون سعودي عالمي
جاء إطلاق المبادرة عبر الهيئة بالتعاون مع الشركة السعودية لتقنية المعلومات «سايت»، ومؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني، وبالشراكة مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة؛ استجابةً للتحديات الاستراتيجية التي تواجه القطاع دولياً، لا سيما في مجالاته الأكثر إلحاحاً، ومنها الفجوة العالمية في عدد المتخصصين البالغ 2.8 مليون متخصص، وفقاً لتقرير القوى العاملة في المجال لعام 2024، الصادر عن المؤسسة.
وأسهمت السعودية بشكل كبير في توحيد جهود أصحاب المصلحة عالمياً عبر فتح آفاق الشراكة والتعاون وتبادل الخبرات، ودفع عجلة الحوار بين أبرز الخبراء في موضوعات الأمن السيبراني ذات الصلة بحماية الطفل وتمكين المرأة، وبما يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية حول العالم.
ويواصل المنتدى الدولي للأمن السيبراني منذ انطلاقه عام 2020، تكريس موقعه بصفته منصة عالمية تجمع صنّاع القرار وممثلي الحكومات والشركات وقادة الأمن السيبراني والأوساط الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية.
ويعمل المنتدى، في ضوء الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة الساعية لصياغة الرؤى وتحفيز العمل الدولي المشترك على مدار العام، والبناء على دور السعودية الريادي عالمياً في هذا المجال، والإسهام في فتح آفاق التعاون الدولي ونقل المعرفة وتطوير القدرات البشرية.