بوتين: أي اتفاق سلام مع كييف يجب ألا يهدد أمن روسيا
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، إن أيّ تسوية للنزاع في أوكرانيا ينبغي ألا تقوّض أمن موسكو. وصرّح في الصين خلال لقائه رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو: «بطبيعة الحال، يعود لأوكرانيا أن تقرّر كيف تصون أمنها. لكن هذا الأمن ينبغي ألا يُضمن على حساب أمن بلدان أخرى، لا سيّما روسيا الاتحادية»، مضيفاً أن من الممكن التوصل إلى إجماع بشأن منح أوكرانيا ضمانات أمنية.
ويريد حلفاء أوكرانيا في ما يسمى «تحالف الراغبين» تحديد ضماناتهم الأمنية لكييف خلال محادثات في باريس، الخميس، بقيادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر؛ إذ تستضيف العاصمة الفرنسية اجتماعاً عبر الإنترنت يضم نحو 30 دولة لمناقشة أحدث الجهود الرامية إلى توفير الدعم الأمني لأوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، ولإدانة إحجام موسكو عن التفاوض.
وقال الرئيس الروسي إن موسكو لم تعارض مطلقاً انضمام أوكرانيا المحتمل إلى الاتحاد الأوروبي، ونفى ما تردد حول تخطيط موسكو لمهاجمة أوروبا. وأبلغ رئيس الوزراء السلوفاكي، خلال اجتماع في الصين على هامش قمة شنغهاي، بأن دول الغرب وحلف شمال الأطلسي تسعى إلى الاستيلاء على كل أراضي الدول التي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي سابقاً، وأن روسيا لا تسعى سوى لحماية مصالحها، مؤكداً أن روسيا لم يكن لديها أبداً، ولن يكون، أي رغبة في مهاجمة أحد.
وأضاف أن الإدارة الأميركية الجديدة تستمع إلى روسيا، معبراً عن أمله في استمرار الحوار البنّاء مع واشنطن. وأكد أن موسكو مستعدة للتعاون مع ممثلين أميركيين في محطة زابوريجيا للطاقة النووية، ولم يستبعد إمكانية التعاون في صيغة ثلاثية مع الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن المحطة.
وقال بوتين: «اقطعوا إمدادات الغاز عن أوكرانيا، وسيدركون على الفور أن هناك حدوداً لانتهاك مصالح الآخرين». وأضاف أن أوكرانيا تحاول إلحاق الضرر بروسيا لكن الضرر يمتد أيضاً إلى شركائها، مشدداً على أن موسكو تعدّ عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمراً غير مقبول.
وستتناول قمة باريس الافتراضية، الخميس، أحدث الجهود الرامية إلى توفير الدعم الأمني لأوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، ولإدانة إحجام موسكو عن التفاوض.
وجاء في بيان صدر عن مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «عقب الاجتماع الذي عقد بين الأوروبيين والأميركيين في واشنطن في 18 أغسطس (آب)، سيناقش رؤساء الدول والحكومات العمل المتعلق بالضمانات الأمنية لأوكرانيا الذي أجري في الأسابيع القليلة الماضية، وسيقيمون عواقب رفض روسيا المستمر لإحلال السلام».
وأجرى ما يسمى «تحالف الراغبين»، الذي شكلته فرنسا وبريطانيا في فبراير (شباط)، محادثات على مدى أشهر على مستويات مختلفة في مسعى لوضع خطط لما يمكن تقديمه عسكرياً لأوكرانيا لردع روسيا عن مهاجمتها مجدداً حالما تعلن الهدنة النهائية. وباءت هذه الجهود بالفشل في الأشهر القليلة الماضية؛ إذ قالت الحكومات إن أي دور عسكري لأوروبا في أوكرانيا أو محيطها يتطلب ضمانات أمنية أميركية كدعم إضافي، ولكن لم تكن هناك مؤشرات تذكر على أن إدارة الرئيس دونالد ترمب ستقدم هذه الضمانات.
وقال دبلوماسيون، كما جاء في تقرير «الصحافة الفرنسية»، إن اجتماع يوم الخميس سيقيم أحدث الخطط التي وضعها قادة الجيوش، وسيؤكد أيضاً لترمب أنه منذ لقائه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في أغسطس، لم يُحرز أي تقدم يذكر نحو إجراء محادثات مباشرة بين بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ومن المقرر أن يتوجه زيلينسكي إلى باريس، الخميس، على الرغم من أن معظم مشاركة الزعماء ستكون عبر الإنترنت خلال هذه المرحلة. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك أم لا، لكن دبلوماسيين قالوا إن واشنطن ستطلع على آخر المستجدات لاحقاً على أقل تقدير.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية إن مسؤولين أوكرانيين ناقشوا، الاثنين، مع نظراء لهم من حلف شمال الأطلسي الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية، وحاجة كييف إلى دفاعات جوية أفضل وأسلحة بعيدة المدى.
وأضافت الوزارة، في بيان عقب اجتماع طارئ لمجلس الحلف وأوكرانيا: «حض الجانب الأوكراني الدول الأعضاء في الحلف على تقديم المساعدة لأوكرانيا في تعزيز الدفاعات الجوية، ولا سيما أنظمة باتريوت وصواريخها».
وتابعت: «جرى التأكيد بشكل منفصل على الحاجة إلى صواريخ بعيدة المدى».
وأوضح البيان أن الدول الأعضاء في الحلف نددت بالهجمات التي شنتها روسيا، الأسبوع الماضي، ومنها هجوم بطائرات مسيرة وصواريخ على العاصمة كييف، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وأحدث دماراً كبيراً للمساكن والمباني الأخرى.
وعلى الصعيد الميداني، أعلن سلاح الجو الأوكراني، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الثلاثاء، أن قوات الدفاع الجوي الأوكراني أسقطت 120 من أصل 150 طائرة مسيرة، أطلقتها روسيا خلال هجوم جوي على شمال وجنوب وشرق ووسط البلاد خلال الليل، وأُطلقت من مناطق كورسك، وبريانسك، وميلروفو، وبريمورسكو اختارسك الروسية، بالإضافة إلى تشودا بشبه جزيرة القرم، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم».
بدورها، هاجمت المسيرات الأوكرانية منطقة روستوف في روسيا، الثلاثاء وأنه تم إجلاء أكثر من 300 شخص من منازلهم خلال الليل في أعقاب هجوم على عاصمة المنطقة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن وحدات من الدفاع الجوي دمرت 13 طائرة مسيرة أوكرانية فوق روستوف خلال الليل. ولم تذكر عدد المسيرات التي تم رصدها.
وقال يوري سليوسار، القائم بأعمال حاكم المنطقة عبر تطبيق «تلغرام»: «تم اكتشاف قذيفة (مسيرة) لم تنفجر في إحدى الشقق».
وأضاف: «كإجراء احترازي، تم إجلاء 320 شخصاً من سكان المبنى».
وأشار إلى أن الهجوم ألحق أضراراً بالعديد من المباني السكنية في مدينة روستوف أون دون. وأصيب ثلاثة أشخاص من بينهم طفل بجروح طفيفة. ولم يصدر أي تعليق بعد من كييف. وينفي الطرفان استهداف المدنيين في غاراتهما خلال الحرب التي بدأتها روسيا بغزو شامل لأوكرانيا في عام 2022.
وذكرت تقارير إعلامية أن الجيش الروسي واصل تقدّمه بوتيرة سريعة في أوكرانيا خلال شهر أغسطس، ولكن بشكل أبطأ من الشهر السابق، وفق تحليل أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية» لبيانات معهد دراسات الحرب الأميركي.
وخلال شهر، سيطرت القوات الروسية على 594 كيلومتراً مربّعاً من الأراضي الأوكرانية، في حين تكثفت الجهود الدبلوماسية للتوصّل إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لكنّها لم تحقّق حتى الآن أيّ نتائج ملموسة. وتتّهم أوكرانيا روسيا بمحاولة كسب الوقت، والتظاهر بالتفاوض من أجل الاستعداد بشكل أفضل لشنّ هجمات جديدة.