بعد ما يقارب 5 أشهر على توليه منصبه، لا يزال المستشار الألماني فريدريش ميرتس يكافح للحصول على توافق داخل الائتلاف بشأن قضايا محورية، ما يعطل حملته الرامية إلى تقليص اللوائح والحد من نفوذ الاتحاد الأوروبي.
وذكرت “بلومبرغ” أن ميرتس عقد “اجتماعاً للمصارحة” مع شركاء الائتلاف، الثلاثاء، شهد أجواء مشحونة إلى حد أن أحد الوزراء انهار ونُقل إلى المستشفى. وتبين لاحقاً أن وزير النقل باتريك شنايدر بخير، وعُزي الأمر إلى شدة الحرارة، لكن الحادثة بدت رمزاً كاشفاً للمأزق الذي يواجهه المستشار.
في حين أن حزب المستشار “المسيحي الديمقراطي”، وحزبه الشقيق “المسيحي الاجتماعي”، يؤيدان خططه فإن شريكه الأصغر في الائتلاف، الحزب “الاشتراكي الديمقراطي” ذي التوجهات اليسارية، يرفض تقديم تنازلات.
وفي محاولة لتجاوز الخلافات، جمع ميرتس حكومته في اجتماع مغلق استمر يومي الثلاثاء والأربعاء، في فيلا بورسيج بضواحي برلين.
لكن المسؤولين فشلوا في التوصل إلى اتفاق بشأن سياسات المناخ، والعقوبات على إسرائيل، وتقليص نفقات الرعاية الاجتماعية، ما ترك ميرتس من دون “قائمة المطالب الملموسة” التي كان قد وعد بتقديمها في قمة قادة الاتحاد الأوروبي بكوبنهاجن، الأربعاء.
وحاول ميرتس التخفيف من حدة الفشل، قائلاً إن “ديناميكية الائتلاف جيدة جداً وودية للغاية”، مضيفاً للصحافيين بعد الاجتماع المغلق: “أنا واثق جداً من أن المهام المطروحة أمامنا يمكن حلها”.
لكن المخاطر بالنسبة لميرتس كبيرة، فالاقتصاد الألماني لا يزال بالكاد يسجل نمواً، وفي أحد استطلاعات الرأي تقدم حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف بـ3 نقاط مئوية على تحالف ميرتس الذي يقوده “الاتحاد المسيحيط، وبفارق 14 نقطة مئوية على الحزب “الاشتراكي الديمقراطي”.
وأشارت “بلومبرغ” إلى أن الاجتماع المغلق جرّ على ميرتس تغطية محرجة في الصحافة، بعدما استغلت صحيفة “بيلد” الشعبية حادثة انهيار شنايدر لتضخيم صورة أزمات الائتلاف.
وصدم العرض الذي قدمه الاقتصادي في جامعة برينستون، ماركوس برونرماير، الوزراء الحاضرين، وفقاً لأحد المشاركين في الاجتماع؛ تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
واحتدم الجدل بين الوزراء، إذ رأى وزير الدفاع بوريس بيستريوس، أن الألمان يميلون إلى مقاومة التغيير، بينما حذّر وزير آخر من أن خطط الإصلاح لا بد أن تقدم للناخبين بصيغة أكثر جاذبية، مؤكداً أن الناس ينجذبون إلى فكرة المغامرة، لا إلى المخاطرة.
وحتى مأدبة العشاء مساء الثلاثاء عكست الأجواء المتوترة، إذ استُعيض عن حفلة شواء غير رسمية، كانت عادة متبعة في لقاءات سابقة، بعشاء جلوسي رسمي، وانتهى حوالي الساعة 9:30 مساءً، قبل أن يُعاد الوزراء إلى المدينة بدلاً من المبيت كما جرت العادة في مثل هذه الاجتماعات المغلقة.
وبحلول الساعة 7:30 صباح الأربعاء كانوا قد عادوا لمتابعة النقاش، لكن الاجتماع انتهى بعد ساعات من دون نتائج حاسمة في القضايا الرئيسية، بل إن بعض المواضيع لم تُطرح أصلاً لغياب أي أفق للتوافق.
وظل الخلاف قائماً بشأن حظر الاتحاد الأوروبي المزمع فرضه على بيع سيارات الاحتراق الداخلي الجديدة بحلول عام 2035. فميرتس يريد وقف الخطة، لكن وزير ماليته ونائبه في المستشارية لارس كلينجبايل من الحزب “الاشتراكي الديمقراطي” يدعمها.
الموقف من إسرائيل
كما تجنب الوزراء اتخاذ موقف نهائي من مقترح أوروبي لحرمان إسرائيل من مزايا تجارية، بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة. وكان ميرتس قد تعهد بحسم المسألة قبل قمة كوبنهاجن الأربعاء، لكن المسؤولين أرجأوا البت فيها على ضوء التطورات الأخيرة، بما في ذلك إعلان الولايات المتحدة وإسرائيل خطة سلام.
كذلك، تأجلت أي استنتاجات بشأن احتمالية إدخال تخفيضات على نظام الرعاية الاجتماعية في ألمانيا.
أما القرار المبدئي الوحيد الذي اتُخذ فكان بشأن ما سُمي “برنامج التحديث”، الذي قال المسؤولون إنه قد يوفر ما يصل إلى 16 مليار يورو (18.8 مليار دولار) من تكاليف الإدارة.
وأصر ميرتس على أن طموحاته لم تتغير، بل تحتاج وقتاً فحسب. ولا يزال يخطط لاستخدام قمة الأربعاء لحث زعماء الاتحاد الأوروبي على كبح “آلة بروكسل”، التي يتهمها بالمبالغة في سن القوانين وتوسيع سلطاتها إلى مجالات غير مرغوبة.