كشف الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، عن استراتيجية جديدة لتعزيز الأمن في البحر الأسود، ستتيح للمنطقة نقل المعدات العسكرية الثقيلة بشكل أفضل في ظلّ “التهديد الروسي الذي يلوح في أوروبا الشرقية”.
وقالت كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، للصحافيين في بروكسل، الأربعاء، إن الاستراتيجية الجديدة تهدف إلى مواجهة التهديدات الروسية المتزايدة، وتحسين البنية التحتية الدفاعية الإقليمية، وتعميق التعاون مع الشركاء الرئيسيين من أوكرانيا إلى تركيا”، حسبما نقلت مجلة “بوليتيكو”.
وتابعت: “في ظل انتهاك روسيا للمجال الجوي ومهاجمتها الموانئ وطرق الشحن.. يتصدّر أولولياتنا تحسين الأمن في المنطقة”.
ومع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، جذب البحر الأسود، الذي يعتبر شرياناً رئيساً لحركة السلع عند مفترق طرق أوروبا وآسيا، انتباه العالم بسبب أهميته الاستراتيجية.
ويمتد ساحله على دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي، بلغاريا ورومانيا، بالإضافة إلى دول مرشحة للانضمام إلى التكتل، جورجيا وتركيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى روسيا. مولدوفا، وهي دولة أخرى تطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لها منفذ أيضاً عبر نهر الدانوب.
من أوكرانيا إلى تركيا
وقالت كالاس، إن “الأمن في البحر الأسود حيوي أيضاً للأمن الأوروبي”، مضيفة أن هذا الأمن يتعرض حالياً للتقويض بسبب حرب أوكرانيا و”الهجمات الهجينة” على البنية التحتية البحرية.
وسيستثمر الاتحاد الأوروبي في تطوير البنية التحتية الإقليمية، مثل الموانئ والسكك الحديدية والمطارات، لاستيعاب المعدات العسكرية الثقيلة. وصرحت كالاس، بأن هذا سيساعد على ضمان “تواجد القوات أينما دعت الحاجة عند الحاجة”.
وفي وقت سابق، صرّح مفوض النقل الأوروبي، أبوستولوس تزيتزيكوستاس، بأن تكلفة تطوير البنية التحتية للنقل للاستخدام العسكري في جميع أنحاء أوروبا ستبلغ حوالي 75 مليار يورو.
وأكدت المفوضية الأوروبية أن أوكرانيا، ومولدوفا، وجورجيا، وتركيا، وأرمينيا، وأذربيجان، شركاء ترغب في توثيق علاقاتها معهم من خلال الاستراتيجية الجديدة، وأضافت أن البحر الأسود جسر إلى جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، وشريان حيويٌ لتجارة الطاقة والغذاء.
وأضافت كالاس أن الاتحاد الأوروبي، ازداد قلقه مؤخراً بشأن الهجمات الروسية المحتملة على البنية التحتية البحرية الحيوية، مثل الكابلات البحرية اللازمة للإنترنت والاتصالات، بالإضافة إلى ما يُسمى بـ”أسطول الظل” للشحن الذي يُساعد روسيا على الالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي على صادراتها النفطية.
ما الذي يقترحه الاتحاد الأوروبي؟
بدأ الاتحاد الأوروبي يُولي اهتماماً أكبر بمنطقة البحر الأسود، التي كانت تُهيمن عليها روسيا وتركيا تقليدياً، بعد انضمام بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد في عام 2007. وإلى جانب الاتحاد الأوروبي، عززت الصين حضورها هناك أيضاً. ففي العام الماضي، منحت الحكومة الجورجية مناقصة بناء ميناء بحري عميق في أناكليا إلى تكتل صيني يضم كيانات خاضعة لعقوبات أميركية.
بشكل عام، تهدف الخطة الأوروبية الجديدة إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة والطاقة والنقل.
كما يخطط الاتحاد الأوروبي لإنشاء مركز للأمن البحري في البحر الأسود، ليكون بمثابة نظام الإنذار المبكر الأوروبي في المنطقة. وقالت كالاس، إن المركز سيزيد من الوعي الظرفي ويساعد الاتحاد الأوروبي على حماية بنيته التحتية الحيوية. وأضافت أن موقع المركز ونموذجه التشغيلي وتكاليفه لم يُحدد بعد.
وأضافت كالاس، أن هذا المركز قد يُساعد أيضاً في مراقبة أي وقف إطلاق نار مُحتمل في المستقبل بين روسيا وأوكرانيا. كما يأتي دعم بناء البنية التحتية للنقل الإقليمي، ضمن أهداف الخطة الأوروبية، وذلك لـ”تحسين القدرة على التنقل العسكري بحيث تكون القوات والمعدات في أماكنها ووقت الحاجة”.
وقالت كالاس، إنه من بين الخطوات الأمنية الأخرى، تأتي خطوة تعزيز مراقبة الملكية الأجنبية للموانئ وغيرها من المرافق الرئيسية.
وفيما يتعلق بالتجارة، سيُطوّر الاتحاد الأوروبي، ممرات طاقة جديدة، وروابط نقل، وبنية تحتية رقمية مع شركاء إقليميين، وفقاً للمسؤولة الأوروبية. كما سيستثمر الاتحاد في جاهزية المجتمعات الساحلية والاقتصاد البحري للتعامل مع الأضرار البيئية الناجمة عن الحرب والاستجابة لمخاطر تغير المناخ.
كيف تستجيب دول البحر الأسود؟
في حين أن معظم دول البحر الأسود، باستثناء روسيا، تربطها علاقات تعاون مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن بعضها أكثر انسجاماً مع أجندة الكتلة المكونة من 27 دولة من غيرها.
وتسعى حكومتا أوكرانيا ومولدوفا جاهدتين للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. كما أن جورجيا وتركيا دولتان مرشحتان للانضمام، على الرغم من أن مساعيهما للانضمام مجمدة حالياً. وقد اقتربت أرمينيا من الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة، بينما تربط أذربيجان علاقة معقدة مع روسيا والاتحاد الأوروبي.