يسعى كبار مسؤولي المفوضية الأوروبية، إلى التوصل لتوافق بشأن مشروع ميزانية التكتل لفترة سبع سنوات تبدأ من عام 2028، إذ استمرت المشاورات حتى ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء حول بنود الميزانية الضخمة التي بلغت قيمتها 1.717 تريليون يورو، حسبما أوردت “بوليتيكو”.
وحسب النسخة الأوروبية للمجلة، فإن كبار مسؤولي المفوضية عقدوا مشاورات مطولة في بروكسل قبل ساعات قليلة من الموعد المقرر للإعلان عن الخطة، والتي ستمثل زيادة في القدرة الشرائية للاتحاد الأوروبي مقارنة بالميزانية السابقة التي بدأت في عام 2021.
وإذا اتفق أعضاء المفوضية، بقيادة رئيستها، أورسولا فون دير لاين، فسيعني ذلك ارتفاع الإنفاق الإجمالي إلى 1.23% من الدخل القومي الإجمالي للتكتل لفترة سبع سنوات تبدأ من عام 2028، مقارنة بنحو 1.1% خلال الفترة الحالية.
وأكد أربعة مسؤولين ودبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي لـ”بوليتيكو”، هذا الرقم، ويُقارن بميزانية حجمها 1.6 تريليون يورو للفترة بين عامي 2021 و2028.
وبحسب المجلة، فقد امتدت المفاوضات داخل المفوضية حتى وقت متأخر من ليلة الثلاثاء، وأشار المسؤولون إلى أن الأرقام قابلة للتغيير.
ومن المتوقع أن تقدم فون دير لاين الخطة في وقت لاحق من الأربعاء. ولا يُعدّ التخطيط لزيادة كبيرة عن فترة السنوات السبع السابقة أمراً غير معتاد في هذه المرحلة، إذ يُتوقع من الحكومات الوطنية أن تُقلّصها تدريجياً قبل منح موافقتها النهائية قبل نهاية عام 2028.
وتتكون الميزانية بشكل أساسي من مساهمات حكومات الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، مع مصادر دخل أصغر مثل الرسوم الجمركية وضريبة البلاستيك.
أولويات جديدة
وقد حذّرت عدة دول، بما فيها ألمانيا، أكبر وأقوى اقتصاد في الاتحاد، من توسيع صندوق الاتحاد الأوروبي المالي، في وقت يتجه فيه الناخبون في جميع أنحاء أوروبا بشكل متزايد نحو القوى الشعبوية والمعادية للاتحاد الأوروبي.
وتُغطي ميزانية الاتحاد الأوروبي، المعروفة بالإطار المالي متعدد السنوات، جميع نفقات الاتحاد الأوروبي، بدءاً من إعانات المزارعين وصولاً إلى مساعدات الدول النامية، والمشروعات الثقافية، والبنية التحتية للنقل.
وفي مواجهة بطء النمو وقائمة متنامية من النفقات، أبلغت فون دير لاين المفوضين في وقت سابق من الثلاثاء، أنهم سيواجهون تخفيضات في تمويل البرامج في جميع المجالات.
وتتمثل فكرة المفوضية في توجيه التمويل بعيداً عن المجالات التقليدية لإنفاق أموال الاتحاد الأوروبي، مثل الزراعة والتنمية الإقليمية، نحو أولويات جديدة مثل الدفاع والابتكار.
وبعد يوم الأربعاء، ستبدأ مفاوضات شاقة بين الحكومات والبرلمان الأوروبي لأكثر من عامين. ويتعين على حكومات الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين الموافقة على الخطة بالإجماع.
زراعة أقل دفاع أكثر
وبحسب “بوليتيكو”، فسيكون من الصعب على فون دير لاين، إقناع جميع الدول بالخطة. فإلى جانب تحفظات ألمانيا، فإن فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، غير مستعدة لزيادة مساهمتها، إذ تعاني من عجز مالي متزايد ودين متضخم.
والثلاثاء، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، ميزانية وطنية لتوفير 43.8 مليار يورو، وتعرَّض على الفور لتهديد بإسقاط الميزانية من قبل البرلمان.
ومن المقرر أن تخصص المفوضية 946 مليار يورو لـ”النموذج الاجتماعي الأوروبي وجودة الحياة”، والذي قد يشمل السياسة الإقليمية والسياسة الزراعية المشتركة التي تشكل حالياً ثلثي ميزانية الاتحاد الأوروبي.
وإذا تأكدت هذه الأرقام، فإن إعانات المزارعين ومدفوعاتهم للمناطق الأكثر فقراً، والتي كانت بمثابة أساس ميزانية الاتحاد الأوروبي لعقود، ستشكل حصة أقل بكثير من إجمالي الإنفاق في السنوات المقبلة.
ووفق البيانات التي اطلعت عليها “بوليتيكو”، فمن المقرر أن تخصص المفوضية الأوروبية 522 مليار يورو لـ”التنافسية والازدهار والأمن”، و190 مليار لـ”أوروبا العالمية” التي تشمل مساعدات التنمية ومساعدة الدول المجاورة، و107 مليارات يورو لصندوق يسمى “الإدارة” يغطي رواتب موظفي الاتحاد الأوروبي.
وسيبلغ حجم صندوق مخصص خارج الميزانية لأوكرانيا، 88 مليار يورو، على مدى السنوات السبع المقبلة.
وعلى صعيد منفصل، ستقترح المفوضية الأوروبية، ثلاث ضرائب جديدة تستهدف النفايات الكهربائية ومنتجات التبغ والشركات في الاتحاد الأوروبي التي تتجاوز مبيعاتها 50 مليون يورو، لسداد ديونها المشتركة بعد جائحة فيروس كورونا. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة السداد بين 25 و30 مليار يورو سنوياً بدءاً من عام 2028.