
في تصعيد خطير وغير مبرَّر، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها المتكررة على الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود، حيث تعمل على تجريف مساحات من الأراضي الزراعية، واقتلاع أشجار معمَّرة، بعضها يعود لعقود، في خرق واضح للسيادة اللبنانية واعتداء مباشر على البيئة والرزق المحلي.
فمن قرى العديسة، ميس الجبل، رميش، وصولًا إلى عيثرون ويارون، وعيتا الشعب، وراميا، قامت جرافات عسكرية إسرائيلية بتخطي الخط التقني، والدخول إلى أراضٍ زراعية لبنانية، تحت حماية آليات مدرَّعة، حيث قامت بتدمير عشرات الأشجار المثمرة من زيتون وتين وعنب، وتجريف التربة دون سابق إنذار خلال توغلها في الأراضي اللبنانية، وها هي تقوم بذات الأفعال في بعض القرى في أيام متفاوتة وتحت حجج واهية.
وتُعدّ هذه الاعتداءات خرقًا صريحًا للقرار الأممي 1701 الذي أنهى حرب تموز 2006، وينص على احترام السيادة اللبنانية الكاملة على أراضيها. وقد وثّقت قوات اليونيفيل في الجنوب هذه التجاوزات، لكن التحرك العملي لا يزال خجولًا، في ظل صمت دولي مريب.
ووفقًا لمهندسين زراعيين وخبراء بيئة، فإن قطع الأشجار المعمَّرة يهدد التنوع البيولوجي في الجنوب، ويساهم في زيادة التصحُّر وتآكل التربة، وأن جيش الاحتلال يستخدم البيئة كسلاح ضغط ضد الأهالي الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر أساسي للدخل، وأن التجريف المتكرر يؤثر على الأمن الغذائي المحلي، ويفاقم من معاناة السكان الذين يعانون أصلًا من أزمة اقتصادية خانقة.
وأمام هذا الواقع المرير، فإن الدولة مطالَبة بالعمل على دعوة المجتمع الدولي لتشكيل لجنة تحقيق دولية، ورفع دعاوى أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بسبب الجرائم البيئية الممنهجة، خصوصًا وأن الأشجار لا تزال تقاوم، فيما يسطر أهل الجنوب فصلًا جديدًا من فصول المواجهة، عنوانه: لن نُقتلع مهما اقتلعوا.