
يُعد ملف ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا من أكثر الملفات حساسية وتعقيداً في المنطقة، نظرًا للتداخل الجغرافي والاجتماعي والسياسي بين البلدين، لكن اللافت في هذا الأمر أن هذا الملف يطرح غب الطلب، حيث يثار عند محطات معينة، وسرعان ما يسحب من التداول من دون معرفة السبب، وهو ما يُبقي ملف ترسيم الحدود بين البلدين ملفاً مفتوحاً تتداخل فيه الاعتبارات السياسية والأمنية والإقليمية.
إن أي مطلع على حيثيات هذا الموضوع يدرك أن الحل النهائي لمعضلة الترسيم تحتاج الى إرادة سياسية من الطرفين، ودعم دولي فعّال، ومن دون ذلك فانه من الصعب إحراز تقدم حقيقي، لأن ترسيم هذه الحدود لا يقتصر على الخطوط الجغرافية فقط، بل يمثل خطوة أساسية نحو تعزيز السيادة، الأمن، والاستقرار في البلدين والمنطقة.
وهنا لا بد من الاضاءة على الإشكاليات التي تحول دون معالجة هذا الملف المعقد بين البلدين وأبرزها: غياب اتفاق حدودي رسمي حيث لم توقع الحكومتان اللبنانية والسورية اتفاقية ترسيم حدود نهائية وشاملة.
ثانيا: قضية مزارع شبعا التي تعتبر واحدة من أبرز مناطق النزاع الثلاثي بين لبنان، سوريا، وإسرائيل، فسوريا خلال العهد السابق، وفي العهد الحالي لم تقدم وثائق رسمية تثبت أنها لبنانية، مما يعقّد الموقف اللبناني في المحافل الدولية.
ثالثا: استخدام هذه الحدود غير المضبوطة من قبل الطرفين لعمليات تهريب سلع ومحروقات وأسلحة.
واذا كانت الأمم المتحدة تتابع الملف ضمن قرارات مجلس الأمن، خاصة القرار 1701 بعد حرب 2006، والذي يطالب الحكومة اللبنانية ببسط سلطتها على كامل أراضيها، بما يشمل ضبط الحدود مع سوريا، فانها تسعى ايضاً إلى دعم آلية مراقبة الحدود بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، كما ان هناك ضغط من قبل واشنطن ولندن وباريس لحل هذه المشكلة وهذه الدول تمارس ضغطا على البلدين في سبيل هذا الهدف الذي كانت تضعه هذه الدول في خانة منع تسرب السلاح عن طريق المعابر غير الشرعية.
وهنا لا بد من الاشارة الى ان الحدود بين لبنان وسوريا تمتد على طول حوالي 375 كيلومترًا، ومعظمها غير مرسّم رسميًا منذ تأسيس دولة لبنان الكبير عام 1920.