
تشكل الانتخابات البلدية محطة محورية في مسار التنمية وتعزيز المشاركة الشعبية، لكن ما إن تنتهي الاستحقاقات الانتخابية اليوم، حتى تتجه الأنظار إلى الحكومة لمتابعة كيفية تعاطيها مع التحديات الجديدة التي تفرضها المرحلة، سيما وأن هناك ملفات كثيرة بانتظار حكومة العهد الأولى للعمل على معالجتها أو إنجازها.
ومن أبرز التحديات أمام الحكومة هو تفعيل حقيقي لمبدأ اللامركزية، وضمان نقل الصلاحيات الإدارية والمالية إلى المجالس البلدية المنتخبة، حتى تتمكن من أداء مهامها بكفاءة، حيث إنه لا يزال هناك الكثير من المجالس البلدية تعاني من غياب الموارد والصلاحيات، وهو ما يفرغ العملية الانتخابية من مضمونها إذا لم تتم معالجته.
كما أن العديد من البلديات، خاصة في المناطق الريفية أو المهمشة، ما تزال تعاني من ضعف الموارد المالية، ولذلك الحكومة مطالبة بوضع خطة تمويل مستدامة للبلديات، تشمل تحويلات مالية عادلة من الموازنة العامة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية الخدماتية الأساسية، وهذا يحتاج إلى مواكبة برلمانية لإقرار رزمة من مشاريع القوانين التي تعطي قوة دفع للحكومة، التي يتوجب عليها بعد الانتخابات أن تعمل على دعم مؤسسات الرقابة المحلية، وتفعيل آليات الشفافية، وتشجيع المجتمع المدني على أداء دور رقابي فاعل، بعيداً عن العصبية العائلية أو الحزبية.
وأكثر ما يقلق البلديات ومعها الحكومة هو ملف النفايات الذي يعتبر من التحديات الكبرى، ولذا فالحكومة مطالبة بوضع استراتيجيات مشتركة مع البلديات لتطوير منظومة إدارة النفايات، بما يضمن حماية البيئة وتحسين نوعية الحياة في المدن والقرى على حد سواء.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة هو، هل الانتخابات البلدية ستفتح الباب أمام تغيير حقيقي في المجتمعات المحلية، أم أن المشهد في البلديات الماضية سيتكرر؟ لا شك أن نجاح المرحلة المقبلة من العمل البلدي والإنمائي يتوقف على قدرة الحكومة على مواكبة التحولات، وتوفير كل المطلوب قانونياً ومالياً وإدارياً لتمكين المجالس المنتخبة من تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، وإلا سنكون كمن يدور في الحلقة المفرغة.