
في وقت يشهد فيه لبنان خلافات غير مسبوقة حول ما تحويه الورقة الأميركية من مطالب، تعتبرها شريحة كبيرة من اللبنانيين بأنها لا تراعي مصلحة بلدهم، وأنها تصب في خانة المصلحة الإسرائيلية، أصدرت الحكومة أمس الأول قرارًا يهدف إلى حصر السلاح في يد الدولة، في خطوة تهدف إلى ما تعتبره تعزيزًا لسلطة الدولة ومنع انتشار السلاح غير الشرعي.
ولكن هذا القرار، الذي اتُّخذ بعد خروج الوزراء الشيعة من جلسة مجلس الوزراء، أثار توترات شديدة في الشارع، حيث خرج المئات ليلة صدور القرار للاحتجاج ضد ما اعتبروه تهديدًا للسلم الأهلي، وسط مخاوف من أن يؤدي إلى مواجهات بين الشارع والشارع.
الخوف الأكبر تمثل في إمكانية أن يستغل الطابور الخامس، أي الجماعات التي تعمل خارج نطاق القانون أو تلعب دورًا مزدوجًا، هذه القرارات لإثارة الفوضى وتحقيق أجندات خاصة، وهذا الهاجس يراود كثيرين في ظل التوترات الطائفية السائدة التي تتيح للمجموعات المسلحة غير الشرعية التسلل إلى شوارع لبنان، مما يهدد بتصعيد العنف وتوسيع دائرة النزاع الأهلي، وهذا ما حذر منه حزب الله في بيانات أصدرها لهذه الغاية.
في هذا السياق، يجد البعض في حصر السلاح خطوة نحو تعزيز سيادة الدولة ومنع الفوضى، بينما يراه آخرون تحديًا للقدرة الدفاعية للبنان ومقاومته.
ومع التصعيد، الذي على ما يبدو سيرتفع منسوبه في قابل الأيام، يُتوقع أن تخرج أعداد كبيرة من المواطنين إلى الشوارع، في مناطق مختلفة في بيروت والضاحية والجنوب والبقاع، يُعبّرون عن خوفهم من المستقبل المجهول في حال تم تنفيذ القرار بشكل صارم دون توفير ضمانات أمنية وسياسية، لا سيما وأن احتلال الأرض ما زال قائمًا، وعمليات الاستهداف مستمرة، ومصير الأسرى غامضًا.
القلق يتزايد في لبنان من أن يتسبب هذا القرار في تفجير حرب داخلية بالوكالة، بما يهدد استقراره وأمنه الداخلي.
وبينما تواصل القوى السياسية التراشق بالتهم، تظل الشوارع اللبنانية هي الساحة التي تُختبر فيها قدرة الدولة على فرض القانون واستعادة السيطرة على الوضع.
في الختام، يبقى السؤال: هل حصر السلاح خطوة نحو استقرار لبنان، أم بداية للفوضى؟