
أثار الاستقبال “البارد” الذي خصّ به رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، منذ يومين، أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، سلسلة من التساؤلات في الأوساط السياسية والإعلامية حول دلالات هذا الفتور، في زيارة لطالما اعتُبرت تقليديًا مناسبة لتجديد مظاهر الدعم والتحالف بين بيروت وطهران.
ورغم أن اللقاء تم في السراي الحكومي ضمن البروتوكول الرسمي، إلا أن كل من تابع مجريات الزيارة رصد غياب الحفاوة المعتادة التي لطالما ميّزت لقاءات المسؤولين اللبنانيين مع نظرائهم الإيرانيين. لا تصريحات مشتركة، لا ابتسامات دبلوماسية، ولا مؤشرات على دفء في العلاقات، وهو ما فُسّر من قبل البعض على أنه رسالة سياسية محسوبة.
مصادر سياسية متابعة وصفت اللقاء بأنه “شكلي بامتياز”، مشيرة إلى أن الرئيس سلام، لم يُبدِ أي حماسة لإظهار تقارب سياسي مع الزائر الإيراني، خصوصًا في ظل التوتر الإقليمي المتصاعد، واشتداد الضغوط الدولية على طهران بسبب ما يسمى تدخلاتها في ملفات المنطقة، وعلى رأسها لبنان.
من جهته، اكتفى لاريجاني بتصريحات بعد اللقاءات، مع المسؤولين بتجديد دعم بلاده “لاستقرار لبنان”، دون التطرق إلى ملفات حساسة أو تقديم عروض دعم اقتصادية أو سياسية ملموسة، كما جرت العادة في زيارات سابقة.
ويرى المتابعون للزيارة أن البرودة الظاهرة في لقاء السراي الحكومي قد تعكس تحوّلًا تدريجيًا في موقع لبنان الرسمي، أو على الأقل في أداء بعض رموزه، تجاه العلاقة مع إيران، خاصة في ظل سعي الحكومة الحالية لتظهير حياد نسبي في الصراع الإقليمي، واستقطاب دعم دولي وخليجي متجدد لإخراج البلاد من أزمتها المستعصية.
في المقابل، حذّرت جهات سياسية قريبة من محور المقاومة من “تحميل الزيارة أكثر مما تحتمل”، معتبرة أن “الدبلوماسية لا تُقاس بالابتسامات”، وأن العلاقة مع إيران “ثابتة واستراتيجية”.
لكن في المحصلة، يبقى السؤال مفتوحًا: هل كانت البرودة في استقبال لاريجاني مجرد صدفة؟ أم مؤشرًا على بداية مرحلة جديدة في التعاطي اللبناني مع الحضور الإيراني في لبنان؟