
في تطور سياسي لافت، شهدت جلسة مجلس الوزراء أمس انسحاب وزراء الطائفة الشيعية على خلفية المطالبة بتأجيل البت بالورقة الأميركية التي كان حملها معه الموفد الأميركي توم براك إلى لبنان، ما أعاد إلى الواجهة سؤالاً جوهريًا حول ميثاقية الحكومة ومصيرها في المرحلة المقبلة، وسط خشية من دخول البلاد في نفق جديد من التعطيل والأزمات السياسية.
هذا الانسحاب، وضع الحكومة أمام تحدٍّ دستوري وميثاقي لا يمكن تجاهله. إذ تنص الأعراف السياسية اللبنانية، وإن لم يكرّسها الدستور بشكل مباشر، على ضرورة تمثيل المكونات الطائفية كافة لضمان “الميثاقية الوطنية”، وهي قاعدة اعتمدت بعد اتفاق الطائف كأحد أسس الحكم التوافقي في لبنان.
وبحسب مصادر سياسية، فإن انسحاب الوزراء الشيعة – في حال استمر – يفقد الحكومة غطاء ميثاقيًا أساسيًا، ما يُربك أداءها التنفيذي، ويطرح علامات استفهام حول شرعية انعقاد جلساتها وقدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، خاصة في ظل الانقسامات الحادة داخل القوى السياسية.
وترى هذه المصادر أن الحكومة، وإن لم تسقط دستوريًا، إلا أنها ستفقد عمليًا قدرتها على الاستمرار بفعالية. وقد يُترجم هذا الانسحاب لاحقًا إلى تعطيل ممنهج، يفتح الباب أمام فراغ حكومي جديد، خصوصًا إذا ترافق مع ضغوط سياسية خارجية وداخلية لفرط عقدها أو تعديل توازناتها.
وفي هذا السياق، تحذر المصادر من أن البلاد قد تكون على أعتاب أزمة سياسية جديدة، تضاف إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية والانهيار المالي المستمر. كما لا يُستبعد أن تتفاقم الأزمة في حال تحوّل الخلاف إلى صراع طائفي أو إذا استُخدم كورقة ضغط في مفاوضات سياسية أوسع تتعلق بالاستحقاقات المقبلة.
في المقابل، تجهد بعض القوى السياسية إلى احتواء التوتر عبر اتصالات مكثفة لثني الوزراء المنسحبين عن قرارهم وإعادة الأمور إلى نصابها لاحقا، لكن الامور ما تزال ضبابية، فيما الشارع اللبناني يراقب بتوجس، وقلق من أن يكون الانسحاب مقدمة لانفجار سياسي جديد.