تواصل فرق البحث والإنقاذ تمشيط ضفاف الأنهار، فيما تحلق الطائرات فوق المناطق التي تضررت جراء الفيضانات في ولاية تكساس الأميركية لليوم الرابع على التوالي، في محاولة للعثور على عشرات الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين جراء الكارثة التي أودت بحياة نحو 80 شخصاً على الأقل بينهم 28 طفلاً، في حصيلة متصاعدة لأعداد الضحايا.
ووفقاً لعمدة مقاطعة كير، لاري ليثا، تركزت معظم وفيات الفيضانات المفاجئة في بلدة كيرفيل الواقعة على ضفاف نهر هيل كانتري في تكساس.
ويمر نهر جوادالوبي، الذي تحول بفعل الأمطار الغزيرة التي هطلت قبل فجر الجمعة، إلى سيل جارف في أقل من ساعة، مباشرة عبر كيرفيل.
وشملت الخسائر في الأرواح عدداً غير محدد من الوفيات في “كامب ميستيك” الصيفي، وهو مخيم للفتيات يعود تاريخه إلى ما يقرب من قرن من الزمان على ضفاف نهر جوادالوبي، وأفادت السلطات بفقدان 20 طفلاً في أعقاب الفيضانات مباشرة يوم الجمعة.
ويوم الأحد، صرّح ليثا بأن فرق البحث لا تزال تبحث عن 10 فتيات ومرشدة مخيم، لكنه لم يُحدد مصير آخرين اعتُبروا في عداد المفقودين في البداية.
وحتى وقت متأخر من يوم الأحد، أعلن مسؤولو الولاية، تأكيد وفاة 10 فتيات وإصابة آخرين جراء الفيضانات في أربع مقاطعات مجاورة في جنوب وسط تكساس، وأن 41 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين خارج مقاطعة كير.
وتوقع فريمان مارتن، مدير إدارة السلامة العامة في تكساس، ارتفاع عدد الضحايا مع انحسار مياه الفيضانات، وتسارع وتيرة البحث.
كما حذّرت السلطات من أن استمرار هطول الأمطار، حتى لو كان أقل من غزارة يوم الجمعة، قد يُتسبب في فيضانات مفاجئة إضافية نظراً لتشبع الأرض بالمياه.
وكان مسؤولو إدارة الطوارئ في الولاية قد حذّروا يوم الخميس، قبل عطلة الرابع من يوليو، من أن أجزاء من وسط تكساس تواجه احتمال هطول أمطار غزيرة وفيضانات مفاجئة، وذلك استناداً إلى توقعات هيئة الأرصاد الجوية الوطنية.
كيرفيل بؤرة الكارثة
وهطلت أمطار تفوق ضعف ما كان متوقعاً على فرعين من نهر جوادالوبي، أعلى منبع النهر عند نقطة التقاءهما، مما أدى إلى تدفق المياه إلى مجرى النهر الوحيد الذي يخترق كيرفيل، وفقاً لمدير المدينة دالتون رايس.
وتعهد رايس ومسؤولون حكوميون آخرون، بمن فيهم الحاكم جريج أبوت، بالتحقيق في ظروف الفيضانات، ومدى كفاية أنظمة التنبؤ بالطقس والإنذار، بمجرد السيطرة على الوضع.
في غضون ذلك، استمرت عمليات البحث والإنقاذ على مدار الساعة، وواجه مئات من أفراد الطوارئ على الأرض تحديات كبيرة، وقال مارتن خلال مؤتمر صحافي يوم الأحد: “الجو حار، والطين كثيف، والحطام يتناثر، والثعابين تملأ المكان”.
وصرح توماس سويلزار، القائد العام المساعد في الإدارة العسكرية بولاية تكساس، بأن معدات البحث الجوية شملت 8 طائرات هليكوبتر، وطائرة MQ-9 Reaper مُسيّرة عن بُعد ومُجهزة بأجهزة استشعار متطورة لمهام المراقبة والاستطلاع.
وأفاد مسؤولون، السبت، بأنه تم إنقاذ أكثر من 850 شخصاً، بعضهم متشبث بالأشجار، بعد أن تسببت عاصفة مفاجئة في هطول أمطار غزيرة بلغ منسوبها 38 سم في جميع أنحاء المنطقة، على بُعد حوالي 140 كيلومتراً شمال غرب سان أنطونيو.
وإلى جانب 68 ضحية في مقاطعة كير، لقي 3 أشخاص حتفهم في مقاطعة بيرنت، وشخص واحد في مقاطعة توم جرين، و5 في مقاطعة ترافيس، وشخص واحد في مقاطعة ويليامسون، وفقاً لنيم كيد، رئيس قسم إدارة الطوارئ في تكساس.
وأعلنت وزارة الأمن الداخلي، أن الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ قد فعّلت عملياتها يوم الأحد، ونشرت مواردها في تكساس بعد أن أصدر الرئيس دونالد ترمب إعلاناً عن حالة كارثة كبرى، وساعدت مروحيات وطائرات خفر السواحل الأميركي في جهود البحث والإنقاذ.
نقص الموارد البشرية
سبق أن وضع ترمب، الذي صرّح يوم الأحد بأنه سيزور موقع الكارثة، على الأرجح يوم الجمعة المقبل، خططاً لتقليص دور الحكومة الفيدرالية في الاستجابة للكوارث الطبيعية، تاركاً الولايات لتحمّل المزيد من العبء بنفسها.
وتساءل بعض الخبراء عما إذا كانت تخفيضات إدارة ترمب في القوى العاملة الفيدرالية، بما في ذلك الوكالة التي تشرف على الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية، قد أدت إلى فشل المسؤولين في التنبؤ بدقة بشدة الفيضانات وإصدار التحذيرات المناسبة قبل العاصفة.
وأشرفت إدارة ترمب على الآلاف من عمليات تسريح الوظائف في الوكالة الأم للهيئة الوطنية للأرصاد الجوية، وهي الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، مما أدى إلى نقص في الموظفين في العديد من مكاتب الأرصاد الجوية، وفقاً لما ذكره ريك سبينراد، المدير السابق للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
وقبل فيضانات يوم الجمعة، كان لدى مكتب هيئة الأرصاد الجوية بالقرب من سان أنطونيو، الذي يشرف على التحذيرات الصادرة في مقاطعة كير، وظيفة شاغرة رئيسية: أخصائي أرصاد جوية لتنسيق التحذيرات، وهو مسؤول عن العمل مع مديري الطوارئ والجمهور لضمان معرفة الناس بما يجب فعله عند وقوع كارثة.
وأفادت وسائل الإعلام الأميركية، أن الشخص الذي شغل هذا المنصب لعقود كان من بين مئات موظفي هيئة الأرصاد الجوية الذين قبلوا عروض التقاعد المبكر، وغادروا الهيئة في نهاية أبريل.