استأنفت السفارة البريطانية في القاهرة، الثلاثاء، عملها بشكل طبيعي، بعد يومين من «توتر محدود» على خلفية إزالة السلطات المصرية حواجز أسمنتية في محيطها، ما عده مراقبون مصريون احتواءً لأزمة «السفارات» بين البلدين.
وسبق أن أعلنت السفارة البريطانية بالقاهرة، الأحد، غلق مبناها الرئيسي لحين مراجعة «تأثير إزالة السلطات المصرية الحواجز الأمنية المحيطة بمبنى السفارة» في حي جاردن سيتي (وسط القاهرة).
جاء الموقف المصري عقب تصاعد حملات للتظاهر أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج والدعوة لإغلاقها، بعدة عواصم، من بينها لندن، بزعم أن القاهرة تعرقل دخول المساعدات إلى غزة، وهو ما نفته مصر مرات عدة، وسط اتهامات لجماعة «الإخوان» بالوقوف وراء هذه الحملات، وتقاعس سلطات عدة دول غربية، من بينها لندن، في توفير الحماية اللازمة للمقار الدبلوماسية المصرية.
وقالت السفارة البريطانية، في منشور عبر «إكس»، الثلاثاء، إنه «بعد التواصل مع السلطات المصرية، تم تحديث نصائحنا المتعلقة بالسفر. ولا تزال السفارة البريطانية مفتوحة وتقدم مجموعة متكاملة من الخدمات».
Following engagement with the Egyptian authorities, our Travel Advice has been updated.The British Embassy remains open and continues to offer a full range of services.24/7 consular support is available to British Nationals by calling +20 2 2791 6000. pic.twitter.com/8EpjGxUL4e
— UK in Egypt (@UKinEgypt) September 2, 2025
وقبل ساعات من هذا الإعلان، أشاد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بدور مصر الحيوي «في ضمان وصول المساعدات إلى غزة»، داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى «رفع القيود فوراً وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى غزة».
وعدّت أمينة سر لجنة العلاقات الخارجية في «مجلس الشيوخ»، النائبة عايدة نصيف، التطورات الأخيرة، انعكاساً لـ«حيوية علاقات مصر الدولية وقدرتها على إدارة أي خلافات بروح من المسؤولية والتفاهم المتبادل».
أعلنت السفاره البريطانيه في القاهره عن فتح أبوابها مجددا بعد أن أغلقتها في أعقاب إزالة مصر للحواجز الأمنيه حول السفاره، القرار كان متسرعا، والعود أحمد. سيادة مصر علي أرضها لانزاع فيه
— مصطفى بكري (@BakryMP) September 2, 2025
وأضافت نصيف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإغلاق المؤقت للسفارة، ثم إعادة افتتاحها بعد وقت قصير، يؤكدان أن قنوات التواصل المباشر تظل هي الضمانة الأساسية للحفاظ على المصالح المشتركة».
كانت الشرطة البريطانية أوقفت الأسبوع الماضي شاباً مصرياً يدعى أحمد عبد القادر (ميدو)، قال إنه «يحمي البعثة المصرية في مواجهة معارضين»، وأجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفياً مع مستشار الأمن القومي البريطاني، جوناثان باول، لبحث أزمة توقيف «ميدو»، وفق بيان «الخارجية المصرية» آنذاك.
ولم تمر ساعات قليلة حتى أُفرج عن «ميدو»، لكن الأزمة لم تنتهِ؛ إذ تصاعدت المطالبات من نواب وإعلاميين وشخصيات عامة بإزالة الحواجز الأمنية أمام السفارة البريطانية، إعمالاً لمبدأ «المعاملة بالمثل»، لا سيما مع «عدم قيام لندن بجهود كافية لحماية سفارة مصر من المتظاهرين»، على حد قولهم.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق، عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، إن «مصر اعتمدت في قرار إزالة الحواجز على مبدأ المعاملة بالمثل، فالسفارة المصرية في لندن لا تؤمن بحواجز، لذا فإزالتها في القاهرة هو حق للدولة في إطار هذا المبدأ، خصوصاً أنها لم ترفع التأمين عنها، ولا تزال قوات الأمن المصرية تقف لحمايتها على غرار باقي السفارات».
وعدَّ رخا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «موقف السفارة بالغلق كان (متسرعاً)، والعودة عنه تصحيحاً للمسار»، متسائلاً: «لماذا تغلق مبنى السفارة وكأن مصر في حالة حرب؟».
وسعت «الشرق الأوسط» للحصول على تعليق من الخارجية المصرية على قرار السفارة البريطانية باستئناف نشاطها، لكن لم يتثن ذلك.
وانتقد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» المظاهرات التي استهدفت السفارات المصرية في الخارج، وعدّتها «مؤامرة» لتخفيف الضغط على إسرائيل، ومحاولة إلصاق تهمة عرقلة المساعدات بمصر على غير الواقع.
واتفقت معه أمينة سر لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب (البرلمان)، أميرة صابر، معتبرة ما حدث محاولات لـ«تشتيت الانتباه عن صلب القضية الفلسطينية»، مضيفة: «بريطانيا لم تأخذ موقفاً قوياً ضد الإبادة الإسرائيلية حتى تزايد على موقف مصر».
وعدّ وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في وقت سابق، استهداف البعثات الدبلوماسية لبلاده في الخارج «اعتداءً على السيادة… وانتهاكاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تلزم الدولة المضيفة بمسؤولية حماية البعثات الموجودة بها»، داعياً إلى تطبيق «مبدأ المعاملة بالمثل».
في هذا السياق، رأت النائبة عايدة نصيف أن «الإشادة البريطانية بالدور المصري في ملف غزة مؤخراً، وما رافقها من انتقاد واضح لعرقلة إدخال المساعدات يبرزان إدراك لندن لأهمية الدور المحوري الذي تضطلع به القاهرة في إدارة هذا الملف الإنساني المعقد».
وتابعت: «هذا الموقف يعزز من قيمة مصر شريكاً رئيسياً في قضايا الاستقرار الإقليمي، ويؤكد في الوقت ذاته أن المجتمع الدولي بات أكثر وعياً بخطورة استمرار السياسات الإسرائيلية الحالية، وبأهمية الدور المصري المهم والحيوي».