تعاقد تشيلسي ويونايتد مع كونيا وديلاب… بداية رحلة أم نهاية أمل؟
قال المدرب الأسطوري لكرة السلة الأميركية، جون وودن، ذات مرة: «لا تخلط بين النشاط والإنجاز». ورغم أن وودن درّب لاعبين يتعاملون مع الكرة بأيديهم لا بأقدامهم في سبعينات القرن الماضي، فإن عبارته تكتسب بُعداً جديداً في ضوء تحركات مانشستر يونايتد وتشيلسي في سوق الانتقالات الحالية.
وطبقاً لشبكة «The Athletic»، ومع سعي الناديين لضم المهاجم البرازيلي ماثيوس كونيا والشاب الإنجليزي ليام ديلاب، تبدو الأمور وكأنها تسير في الاتجاه الصحيح على الأقل من حيث النشاط. لكن، هل هذا «الحراك المبكر» يعكس نية صادقة للمنافسة على الألقاب، أم أنه مجرد محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
ديلاب… نجم خفي أم صفقة مضلِّلة؟
دعونا لا نُجمل الصورة؛ إيبسويتش تاون، النادي الذي لعب له ديلاب هذا الموسم، كان كارثياً. ففارق الأهداف المتوقعة (xG) لديه بلغ ناقص 1.01 لكل 90 دقيقة، أسوأ بـ3 أضعاف من أقرب منافسيه، ولفرهامبتون.
في ظل هذه الفوضى، قد لا تكون أرقام ديلاب مؤشّراً دقيقاً لإمكاناته. لكن رغم هذا السياق، فإن أداءه يظل متواضعاً؛ ديلاب سجّل 0.27 (xG) لكل 90 دقيقة (دون احتساب ركلات الجزاء)، مقابل 0.50 لصالح نيكولاس جاكسون، مهاجم تشيلسي الحالي. والأسوأ أن ديلاب لا يعوّض هذا الفارق بخلق الفرص أو التمرير الحاسم، فهو لا يتفوق على جاكسون سوى في مهارة المراوغة.
فهل المشكلة في ديلاب، أم في الفريق الذي بالكاد استحوذ على الكرة؟ إيبسويتش أنهى الموسم بمعدل استحواذ 40 في المائة، وكان الأقل في عدد التمريرات واللمسات داخل منطقة الجزاء. بالتالي، لا يمكن الحكم على المهاجم الشاب دون الأخذ في الاعتبار أنه بالكاد لمس الكرة في مناطق خطرة.
إذا استطاع ديلاب أن يكون خياراً تكتيكياً مفيداً، فربما يكون ذلك عاملاً مساعداً لتشيلسي في سباق التأهل إلى دوري الأبطال (بنسبة 21/1)، أما الرهان على لقب الدوري (221/1) فيبدو ضرباً من الجنون.
كونيا… جرعة حيوية أم صفقة لملء الفراغ؟
إذا كانت أرقام ديلاب محيّرة، فإن حالة كونيا مختلفة. اللاعب البرازيلي البالغ من العمر 26 عاماً، سجل موسماً رائعاً مع ولفرهامبتون؛ 15 هدفاً من معدل أهداف متوقعة بلغ 8.6 فقط!
أي أن نسبة تحويل الفرص لديه تضاهي أساطير بحجم ميسي. لكن هذا الأمر، وفق منطق علم البيانات، نذير بتراجع حتمي في الأداء الموسم المقبل.
ما يُحسب له، أنه يتمتع بقدرات صناعة اللعب أيضاً، إذ يحتل النسبة المئوية الـ80 بين صانعي اللعب في التمريرات المتوقعة الحاسمة، وتصدر وولفز من حيث «التحركات المُفضية للتسديد». ومع ذلك، يظل سؤال «لماذا؟» مطروحاً في مانشستر؛ لماذا التعاقد مع كونيا بينما يملك الفريق بالفعل ماركوس راشفورد وأليخاندرو غارناتشو؟
الاثنان يمتلكان أرقاماً مشابهة لكونيا، بل إن غارناتشو، البالغ من العمر 20 عاماً فقط، عادل معدل أهداف كونيا (0.30 xG من دون ركلات جزاء) رغم الفارق العمري الكبير.
لكن المشكلة أن كلا النجمين دخلا في صدامات متكررة مع المدربين. وها هو روبن أموريم – المدير الفني الجديد – يفتح الباب لخروجهما من النادي. راشفورد مرشح للانتقال إلى برشلونة (بمعدل 815/1)، بينما يظل نابولي (64/1) الأقرب للتوقيع مع غارناتشو.
في هذا السياق، فإن التعاقد مع كونيا لا يتعلق بالإبداع داخل الملعب بقدر ما هو محاولة لضبط الأجواء في غرفة الملابس. فرغم أن الاحترافية والانضباط لا يسجّلان أهدافاً، فإنهما يصنعان الفارق في أندية تمر بمرحلة حرجة.
ومع ذلك، فإن الواقع لا يرحم؛ يونايتد أنهى الموسم الماضي في المركز 12 في فرق الأهداف المتوقعة (xG differential) من دون ركلات جزاء.
وهذا يعني أن الفريق لا يحتاج إلى الانضباط فقط، بل إلى لاعبين يحدثون الفارق فعلياً في الملعب. كونيا لاعب جيّد، وقد يكون أكثر ملاءمة لأسلوب أموريم، لكن هذا وحده لا يكفي لتحسين فرص الشياطين الحمر (51/1) في العودة إلى المربع الذهبي.
الخلاصة؛ سواء أكان ديلاب مشروعاً مستقبلياً في تشيلسي، أو كونيا صفقة آمنة لتخفيف الاضطرابات في يونايتد، فإن هذه التحركات وحدها لن تقلب الموازين. لكن في نادٍ مثل تشيلسي، حيث سقف التوقعات انخفض، أو في يونايتد، حيث «الاستقرار» بات إنجازاً بحد ذاته، فإن مثل هذه التعاقدات قد تمثل بداية رحلة… أو نهاية أمل.