حديث عن طرح واشنطن ورقة شروط جديدة للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تفاؤل يبديه مبعوث الرئيس دونالد الأميركي ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن المسار الجديد للمحادثات.
وجاءت تصريحات ويتكوف غداة حديث «حماس» عن اتفاق أولي على إطار عمل ونفي إسرائيلي؛ وهو ما دفع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إزاء «تفاؤل حذر»، خشية حدوث طارئ مفاجئ كما هو معتاد يقود المحادثات لتعثر جديد، مؤكدين أن أميركا لو كانت جادة ستسد فجوات الطرفين المتمثلة بكيفية الانتقال من اتفاق مؤقت لدائم، ومن ثم توقيع اتفاق قبل عيد الأضحى.
وتتواصل محادثات بشأن وقف إطلاق النار بغزة في الدوحة منذ الأحد، وخلال ظهوره إلى جانب الرئيس ترمب، قال المبعوث الأميركي إنه يشعر بتفاؤل حيال إمكانية التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، يمهد لحل سلمي طويل الأمد للنزاع، معلناً أن البيت الأبيض على وشك إرسال ورقة شروط جديدة؛ بهدف التوصل إلى اتفاق.
ومع ذلك، لا تزال هناك قضايا عالقة، أبرزها الضمانات التي تطالب بها حركة «حماس»، والمتعلقة باستئناف المفاوضات خلال فترة وقف إطلاق النار المؤقت؛ بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، كما تدور النقاشات حول إيجاد صيغة تتيح لإسرائيل القول إنها غير ملزمة مسبقاً بإنهاء الحرب، وفق ما ذكرته الإذاعة الفرنسية «مونت كارلو»، الخميس.
وبات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على «مفترق طرق، يضطر فيه إلى المفاضلة بين هدفي الحرب، القضاء على (حماس) واستعادة الأسرى»، حسب الإذاعة الفرنسية، ونقلت عن مصادر قولهم: «بينما رفضت إسرائيل إعلان (حماس) عن التوصل إلى اتفاق مع ويتكوف، يشمل إطلاق سراح عشرة أسرى مقابل هدنة، حتى طرح ويتكوف عرضاً جديداً، يبدو أنه نضج بعيداً عن علم إسرائيل».
ونقلت قناة «i24NEWS» الإسرائيلية، الخميس، عن مصدر مطلع قوله إن «مخطط ويتكوف يتضمن إطلاق سراح 10 رهائن أحياء على مرحلتين خلال أسبوع، و18 رهينة آخرين، وستُقدِّم إسرائيل في المقابل وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، يُمكن استئناف القتال بعد انتهائه، أو في حال وجود حوار جدي حول المرحلة التالية، سيستمر وقف إطلاق النار»، في حين «سينسحب الجيش الإسرائيلي من الأراضي التي احتلَّها مؤخراً. ستُوزَّع المساعدات الإنسانية من قِبل الأمم المتحدة، وليس من قِبل الشركة الأميركية».
وكانت حركة «حماس»، أعلنت، في بيان صحافي، الأربعاء، التوصل إلى اتفاق مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، على «إطار عام يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة وتدفق المساعدات، وإطلاق سراح عشرة من المحتجزين الإسرائيليين وعدد من الجثث، مقابل إطلاق سراح عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، على أن يكون الاتفاق بضمان الوسطاء».
في المقابل، أفاد مصدر إسرائيلي في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتعميم على وسائل الإعلام، الأربعاء، بأن «(حماس) تواصل حملتها الدعائية وحربها النفسية»، لافتاً إلى أن «إسرائيل وافقت على مقترح ويتكوف، بينما تُصرّ (حماس) على رفضه، واقتراح (حماس) غير مقبول لإسرائيل ولا للإدارة الأميركية».
ويرى أستاذ العلوم السياسية بمصر، الدكتور أحمد يوسف أحمد، أن «هناك تضارباً شديداً في التصريحات يحمل غموضاً، خاصة والسوابق تحمل تأكيدات أميركية منذ عهد جو بايدن بقرب التوصل لاتفاق ثم تطفو فجوات وعقبات وتتعثر المحادثات»، لافتاً إلى أن «أهم نقطة كيفية التعامل مع موقف (حماس) المطالب بوقف نهائي للحرب ورفض إسرائيل المتكرر».
بالمقابل، هناك «تفاؤل حذر» يبديه المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، معتقداً أن الاتفاق ربما يكون أقرب من كل وقت في ظل التسريبات المتوالية عن اتفاقات مبدئية وترضية لإسرائيل بشرط محتمل للعودة للقتال، مستدركاً: «تبدو واشنطن جادة هذه المرة بعد مفاوضات مستمرة منذ أول الأسبوع وقبول (حماس) باتفاق جزئي قد يمهد لاتفاق شامل».
ولم يعلق الوسطاء على هذا التضارب، واستعرض وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، «الجهود التي تبذلها مصر لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واستئناف اتفاق وقف إطلاق النار، والنفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية، متناولاً الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، والمؤتمر الذي تعتزم مصر استضافته لإعادة إعمار القطاع فور وقف إطلاق النار»، وفق بيان للخارجية المصرية، الأربعاء.
وكان ويتكوف قال لشبكة «سي إن إن»، الاثنين، إن اتفاقاً لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة مطروح حالياً على الطاولة، وحث حركة «حماس» على قبوله، مؤكداً أن الاتفاق المطروح «يتضمن مساراً لإنهاء الحرب».
وإزاء هذا الغموض، يرى يوسف أحمد، أن «كل شيء وارد»، حال ضغطت واشنطن بجدية على الأطراف، ولا سيما إسرائيل للتوصل لاتفاق قبل عيد الأضحى.
ورغم اعتقاد الرقب، أنه لا ضمانات حقيقية ستقدمها واشنطن لـ«حماس» قياساً بعد تدخلها لمنع تجدد القتال في مارس (آذار) الماضي، فإن فرص التوصل إلى ملامح هدنة السبت المقبل واردة، مؤكداً أن جهود الوسطاء متواصلة، ولا سيما من مصر وقد تبنى عليها حلول جادة وقريبة.