فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قيوداً جديدة على طلبات الفلسطينيين للحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة، ما يجعل من شبه المستحيل أن يتمكن أي شخص يحمل جواز سفر صادر عن السلطة الفلسطينية من الحصول على وثائق سفر لزيارة الولايات المتحدة سواء لأغراض العمل، أو الدراسة، أو العلاج، أو السياحة، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.
وحتى من يحملون جوازات سفر غير صادرة عن السلطة الفلسطينية، قد يواجهون صعوبات إذا احتاجوا إلى تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، وفقاً لـ”أسوشيتد برس”.
ومنذ أوائل أغسطس شددت وزارة الخارجية الأميركية ما وصفته بسياسات مؤقتة، لتعزيز إجراءات التدقيق في طلبات الفلسطينيين الراغبين في السفر إلى الولايات المتحدة، وهو ما يعني أن معظم هذه الطلبات ستُرفض أو لن تُقبل للمعالجة أصلاً.
وتأتي هذه الخطوات في إطار جهد أوسع تبذله الإدارة بزعم إصلاح نظام منح التأشيرات الأميركية، والتشدد في مواجهة الهجرة غير الشرعية، وهو جهد أدى بالفعل إلى إلغاء آلاف التأشيرات الطلابية، العديد منها لطلاب ارتبطت أسماؤهم بأنشطة مؤيدة للفلسطينيين أو مناهضة لإسرائيل.
وكجزء من هذا الجهد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأسبوع الماضي، أنها تراجع ملفات جميع حاملي التأشيرات الأميركية البالغ عددها أكثر من 55 مليون تأشيرة، للتأكد من استيفائها إجراءات التدقيق المطلوبة.
قيود أوسع نطاقاً بحق الفلسطينيين
لكن الخطوات المتخذة بحق الفلسطينيين بدت أوسع نطاقاً من تلك التي فُرضت على جنسيات أخرى، إذ تحصل معظم الجنسيات على إعفاءات للسفر إلى الولايات المتحدة، بينما لا تشمل هذه الإعفاءات الفلسطينيين.
ففي أول أغسطس أصدرت الوزارة تعليمات للقنصليات الأميركية برفض طلبات التأشيرة المقدمة من أي شخص يُشتبه بارتباطه الحالي، أو السابق بمنظمة التحرير الفلسطينية، أو بالسلطة الفلسطينية بغض النظر عن منصبه، أو الغرض من سفره.
وفي السادس عشر من أغسطس علّقت الوزارة برنامجاً كان يسمح للأطفال الفلسطينيين الجرحى من غزة بالسفر إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج، وذلك بعد موجة من الاعتراض من قبل بعض الأصوات المحافظة.
وبعد ذلك بيومين، تحديداً في الثامن عشر من أغسطس، أرسلت الوزارة برقية دبلوماسية إلى جميع البعثات الأميركية حول العالم تأمرها برفض جميع طلبات الحصول على “تأشيرات غير هجرة” المقدمة من حاملي جوازات السفر الصادرة عن السلطة الفلسطينية.
وجاء في البرقية أن هذا الإجراء يهدف إلى ضمان خضوع هذه الطلبات لعمليات التدقيق، والفحص اللازمة للتأكد من هوية المتقدمين وأهليتهم للحصول على تأشيرة بموجب القانون الأميركي.
وأوضحت أن التعليق لا ينطبق على الفلسطينيين الذين يحملون جوازات سفر غير صادرة عن السلطة الفلسطينية، غير أن هؤلاء أيضاً قد تُرفض طلباتهم إذا ما اشتبه بارتباطهم بالسلطة الفلسطينية أو بمنظمة التحرير، وفقاً لتعليمات القرار الصادر في الأول من أغسطس.
كما أن القيود لا تشمل طلبات الحصول على تأشيرات هجرة، لكن البرقية شددت على أن المسؤولين الفلسطينيين الراغبين في السفر إلى الولايات المتحدة لأغراض رسمية غير مستثنين من هذه القيود.
ووفقاً للتوجيهات الصادرة قبل أسبوع، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، أنها رفضت طلبات تأشيرات للرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن”، وما يقرب من 80 مسؤولاً فلسطينياً كانوا يعتزمون المشاركة في اجتماعات رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في وقت لاحق من شهر سبتمبر الجاري.
وقالت الوزارة في بيان: “من مصلحتنا الوطنية أن نحاسب منظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية على عدم التزامهما بتعهداتهما، وعلى تقويضهما لفرص السلام”، مضيفة أن اعتبارهما شركاء في السلام يتطلب “الرفض المتواصل للإرهاب، ووقف التحريض عليه في المناهج التعليمية، كما يفرض القانون الأميركي، وكما تعهدت به منظمة التحرير الفلسطينية”.
ونددت السلطة الفلسطينية بسحب التأشيرات، واعتبرته انتهاكاً لالتزامات الولايات المتحدة بصفتها الدولة المضيفة لمقر الأمم المتحدة، ودعت وزارة الخارجية الأميركية إلى التراجع عن قرارها.
مؤتمر 22 سبتمبر في نيويورك
من جانبه، أشاد حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني في منشور على منصة “إكس”، الثلاثاء، بموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن ضرورة مشاركة الفلسطينيين في المؤتمر المقبل حول حل الدولتين والمقرر في 22 سبتمبر، ووصف قرار الإدارة الأميركية برفض منح تأشيرات للوفد الفلسطيني بأنه “أمرٌ غير مقبول، ويتعارض مع الالتزامات الدولية بموجب اتفاقية البلد المضيف” للأمم المتحدة.
وقال نائب الرئيس الفلسطيني: “تؤكد دولة فلسطين التزامها بالعمل مع فرنسا والمملكة العربية السعودية وجميع الشركاء الدوليين لضمان نجاح مؤتمر 22 سبتمبر في نيويورك.. يجب أن يظل هدفنا المشترك هو ترسيخ الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين، وضمان حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في الحرية والاستقلال في دولته ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية”.