
حسين زلغوط
خاص-موقع “رأي سياسي”:

يبدو أن التوجه نحو سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية بدءا من منتصف الشهر الحالي هو موضوع يشغل بال الجميع، سواء من قبل المعنيين بالشأن الفلسطيني أو من قبل الأوساط اللبنانية، كون ان هذا القرار ان تم تنفيذه، سيكون بمثابة خطوة هامة في مسار تعزيز الاستقرار داخل هذه المخيمات ومحيطها بشكل عام. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل يمكن تحقيق ذلك في ظل الظروف الراهنة؟
لطالما كانت هناك مطالبات من قبل الدولة اللبنانية بضرورة سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية، سواء كان سلاحًا فرديًا أو سلاحًا ثقيلًا، فالحكومة اللبنانية تشدد على أن السلاح خارج إطار الدولة يُعد تهديدًا للأمن الوطني اللبناني، لكن الفصائل الفلسطينية الموجودة في المخيمات كانت دائما ترفض بشكل قاطع أن يتم سحب السلاح في غياب تسوية سياسية شاملة، وتصر على أن السلاح هو أداة للدفاع عن النفس في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون.
لكن المخيمات الفلسطينية شهدت ضغوطًا على عدة مستويات. على الصعيد الدولي، تدعم بعض الدول العربية والمجتمع الدولي أي خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في لبنان، لكن هناك أيضًا بعض القوى الإقليمية التي تتخذ موقفًا مختلفًا، حيث يعتقدون أن سحب السلاح في هذه المرحلة قد يكون بمثابة خرق لحقوق الفلسطينيين في المقاومة.
وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن هناك رغبة متزايدة من بعض الفصائل الفلسطينية للعمل مع الحكومة اللبنانية لتحقيق نوع من التفاهم بشأن هذا الموضوع. على سبيل المثال، هناك حديث عن لقاءات قادمة بين ممثلين عن الفصائل الفلسطينية والمسؤولين اللبنانيين، يتوقع أن تُناقش خلالها آلية سحب السلاح بدءاً الشهر الحالي.
ولكن رغم تحديد هذا التاريخ، تبقى هناك العديد من العوائق التي قد تمنع تنفيذ هذا القرار. منها أن هناك شكوكاً حول قدرة الحكومة اللبنانية على تنفيذ مثل هذا القرار داخل المخيمات، خاصة في ظل الانقسام الفلسطيني الداخلي، اذ ان العديد من الفصائل في المخيمات تعتبر أن السلاح هو ضمان لاستمرار وجودهم، ولا يمكن التخلي عنه بسهولة.
ما هو المتوقع في حال تم سحب السلاح من المخيمات؟ ان حصول هذا الأمر قد يساهم في تقليل عدد الحوادث المسلحة والنزاعات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، مما يعزز الأمان والاستقرار، لكنه قد يثير في نفس الوقت مشاعر من القلق لدى بعض الفصائل التي ترى أن هذه الخطوة قد تكون بداية لتقليص حقوق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم، خاصة في ظل الوضع السياسي المتأزم في المنطقة.
من جهة أخرى، إن تنفيذ هذا القرار بنجاح قد يساهم في تحسين العلاقات بين المخيمات والمجتمع اللبناني، خاصة إذا تمت معالجة جميع القضايا المتعلقة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وبرغم التحديات والصعوبات، تبقى المخيمات الفلسطينية في لبنان بحاجة ماسة إلى الاستقرار والأمان. سحب السلاح قد يكون خطوة نحو هذا الهدف، لكنه يتطلب وقتًا طويلًا ورؤية مشتركة بين جميع الأطراف المعنية.
في هذا السياق، ستكون الأيام القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت تلك الخطوة ستتحقق بالفعل في حزيران الحالي، أم أنها ستواجه تحديات جديدة قد تؤجل تنفيذها مرة أخرى.