
حسين زلغوط
خاص – “رأي سياسي”:

تُعتبر نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، إحدى الشخصيات البارزة في السياسة الأميركية تجاه لبنان والمنطقة في عهد الإدارة الجديدة للبيت الأبيض، فمنذ تعيينها في كانون الثاني 2025، قامت بزيارة لبنان في نيسان من العام نفسه، حيث التقت مع كبار المسؤولين اللبنانيين، ووجّهت رسائل حاسمة بشأن السياسة الأميركية تجاه لبنان. ومذ ذاك الحين، تتدخل “الحسناء” الأميركية بكل شاردة وواردة في ما يتعلق بالاستحقاقات والملفات الداخلية في لبنان، وهذه التدخلات تُثلج قلب شريحة من السياسيين اللبنانيين، في حين أن شريحة أخرى تصف هذه التدخلات بأنها مَسٌّ بالسيادة اللبنانية، ومنحازة بالمطلق إلى جانب إسرائيل.
فأورتاغوس تتبنى موقفًا صارمًا ضد دور حزب الله في لبنان، وخلال زيارتها الأخيرة للبنان، أعلنت جهارًا أن “حزب الله يجب ألا يكون جزءًا من الحكومة اللبنانية”، معتبرةً أن “عهد الإرهاب الذي كان يمارسه قد انتهى”. لا بل إنها دعت إلى ضرورة نزع سلاح حزب الله وغيره من الميليشيات في لبنان، وفي مقابل ذلك، فإنها أشادت بإسرائيل، وهو ما اعتبره البعض من اللبنانيين تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد، بينما رحّب بها آخرون باعتبارها دعمًا للإصلاحات، وهو ما يبقي هذه السياسة موضع جدل داخلي في لبنان، حيث تتباين الآراء حول تأثيرها على السيادة الوطنية والاستقرار السياسي.
ولا تكتفي أورتاغوس بالتصرف وكأنها هي من تحدد المسار السياسي للعهد الجديد، إذ إنها تحشر نفسها بأمور داخلية، حيث تُعتبر الإصلاحات المالية شرطًا أساسيًا للحصول على الدعم الدولي، وهي تطالب بضرورة إقرار قوانين شفافية القطاع المصرفي، مثل قانون رفع السرية المصرفية، لمكافحة الفساد واستعادة الثقة في النظام المالي اللبناني. كما أنها تشدد على أهمية التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، محذّرة من أن غياب هذه الإصلاحات قد يؤدي إلى حرمان لبنان من المساعدات الدولية الضرورية لإعادة الإعمار والتنمية.
هذا السلوك للمسؤولة في الخارجية الأميركية هو مدعاة تساؤل لدى فريق من اللبنانيين، حول ما إذا كان ذلك يُعبّر عن وصاية أميركية على لبنان في ظل التحولات والمتغيرات التي تعصف بالمنطقة. ويُعبّر هذا الفريق عن قلقه من أن يكون هناك من يعمل على إدخال لبنان عنوة في العصر الأميركي، مستغلًا وضعه “الهش” على كل المستويات وحاجته إلى المساعدة، وهذا ما يوجب الوقوف في وجهه، كون أن واشنطن لن تترك لبنان في حاله، بل إنها ستمارس الضغط عليه في المستقبل لقبول التطبيع مع إسرائيل طوعًا أو كرهًا، تأمينًا لاستقرار إسرائيل التي لديها مشروع قديم للسيطرة على ثروات المنطقة والتوسع.
وفي تقدير هذا الفريق السياسي، فإن سياسة مورغان أورتاغوس تجاه لبنان ظاهرها العمل على تحقيق توازن بين دعم استقرار الدولة اللبنانية وتعزيز سيادتها، وبين الضغط من أجل تنفيذ إصلاحات اقتصادية وأمنية ضرورية، بينما باطنها هو العمل على تنفيذ استراتيجية أميركية واسعة تهدف إلى مواجهة ما تسميه النفوذ الإيراني في المنطقة، وتعزيز الشراكة مع الدول التي تُظهر التزامًا بالتعاون الدولي الذي تسعى إليه واشنطن لتحقيق هذه الاستراتيجية التي تقول أميركا إنها لصالح المنطقة واستقرارها.